أكثر من 65 عاما من التاريخ والعطاء الرياضي تمثلت بفقيد الرياضة والوطن الشيخ عبدالرحمن بن سعيد يرحمه الله اصبحت تحت الارض وفي اطار الذكريات، كانت حافلة بالكفاح ومليئة بالبذل في بدايات الرياضة التي شهدت فيما بعد تأسيس اشهر ناد في قارة اسيا "الهلال"، لم يكن مجرد شخص مر على هذا المجال بهدف الشهرة بعض الوقت، والتخاصم مع هذا والاساءة لذلك، لم يؤذ أحدا او يؤلف القصص ويصنع المكائد، كان يؤمن بأن الرياضة منافسة شريفة ورسالة سلام وفرصة للاستثمار على مختلف الاصعدة، كان يحتفظ بالتاريخ الرياضي وادق تفاصيله، لا يفوته شيء، عبارة عن ارشيف رياضي متكامل، لا تعرف مجلداته الكبيرة التي حوت مذاكراته واحداث الرياضة منذ بدايتها الى ان انهكه المرض - الزيف والتحريف، وبالقدر الذي يحتفظ بالسجل الرياضي السعودي كاملا كان جميع الرياضيين يبادلونه الوفاء والاحترام ويحتفظون له بكل التقدير والمحبة، كان الجميع قبل اشهاره للشباب والهلال ينظرون الى ما كان يقدمه تجاه الرياضة على انه ضياعا للوقت واهدارا للمال وتسفيها للمنطق، حاولوا ثنيه عن اهدافه البعيدة، ورؤيته السليمة ولكنهم فشلوا بينما كان هو شق طريقه بنجاح مذهل وعقلية فذة، وبعد ان تحمل الكثير وواجه العراقيل التي من ابرزها ان هناك من "يعيب" ممارسة الرياضة، استطاع ان يقدم للرياضة ناديا جماهيريا وامبراطورية رياضية بقت مصدرا للابداع والمتعة ومخزنا للبطولات ومنجما للذهب. كان بالنسبة للهلاليين القلب النابض والعقل المدبر والرابط القوي فيما بينهم، يغار عليهم كثيرا ويستمد هذه الغيرة المحمودة من غيرته على الرياضة وولده الذي يناديه بالهلال ويلقبه ب"الزعيم" واصبح يدعوه ب"نادي القرن" تارة و"نادي العقد" تارة أخرى، كان وفيا مع هلاله ومتابعا لمنجزاته ومتواصلا مع رجاله، ومقدرا لجماهيره ومتباهيا ببطولاته، كل ما شاهد نجومه يصعدون الى المنصة ويحملون الذهب ادرك ان تعبه لم يذهب هباء منثورا، وأن "زعيمه" لم يخب ظنه، انما جعله يجلس على كرسي وثير من الالقاب وعطاءات رياضية لا يمكن تجاهلها حتى لو اصبح تحت الثرى. حتى الانجازات القارية والخليجية والعربية والتأهل الى كأس العالم كان ابن سعيد شريكا بها، ليس لأنه تقلد مناصب رسمية في اتحاد الكرة، او المنتخبات السعودية، انما لانه اسس للرياضة ناديا يقدم لها النجم تلو الاخر وجلهم اصبح قائدا للمنتخب. ابن سعيد ليس فقيدا للهلاليين والرياضيين انما هو فقيد للوطن ويكفي عطاءات التي لم تتوقف الا بعد معاناته مع المرض ودخوله العناية المركزة وتوقف قلبه المتعب بحب الخير والهلال والرياضة والناس عن النبض، الا يستحق هذا الرمز الرياضي الكبير ان يكرم ليس على مستوى "نجله" الهلال انما على مستوى الوطن، ما قدمه لم يقدمه اي شخص حتى الان، قاوم الظروف وتحدى ضيق اليد وواجه تندر الناس بالرياضة، ومع هذا اسس له نادياً له مكانة وشهرة سيذكره انصاره كلما صافحوا بطولة واحتفلوا بانجاز محلي وخارجي وتباشروا بخبر بروز نجم. لم اقابل في حياتي بعد دخولي للاعلام الرياضي شخصية رياضية رزينة بحجم وادراك ووعي عبدالرحمن بن سعيد، كان يرحمه الله لا يحب المظاهر ولا يؤمن بالبهرجة ولا يعشق الاضواء، حتى ومنافسي ناديه يرمونه بأسوأ العبارات يرد عليهم بالصمت والحكمة، يؤمن ان ما يقدم من خدمة للوطن والرياضة هو الكفيل بابراز الشخص اياً كانت مكانته، إذ كان ذا رأي وحكمة وحضور ووضوح وقوة حجة وسلامة منطق ونظافة توجه، يقول اكثر رؤساء الهلال حصدا للبطولات الامير بندر بن محمد: "عبدالرحمن بن سعيد أسس وعشق الهلال فغرس حبه في قلوبنا، وفقدنا ابا وصديقا وعزيزا استفدنا منه اشياء كثيرة وانشاء كيان رياضي كبير يشار له بالبنان على المستوى الآسيوي والعالمي". وعن عدم تكريمه من خلال اطلاق اسمه على احد منشآت النادي يقول رئيس هيئة اعضاء الشرف بالنيابة: "يجب ان لا نستبق الاحداث وكل هلالي يحرص على تكريم هذا الرجل والرمز الرياضي الكبير وستبقى ذكراه عطرة ولابد ان يعطى حقه من خلال اطلاق اسمه، واعتقد ان تكريمه يكمن في ان مسيرته ستظل خالدة، ويكفينا منه انه هو من كان يلم شمل الهلاليين وكان له كلمة واضحة في الكثير من الامور وله مميزات كبيرة في حل الخلافات وميزته انه لا يجامل على حساب مصلحة النادي، ومهما تحدثنا وعملنا مجلدات لا يمكن ان نفيه حقه، فهو شخصية رياضية كبيرة وله بصمة بيننا لا توصف". وبالمناسبة فإن الامراء بندر بن محمد وسعود بن تركي ومحمد بن فيصل هم أكثر الرؤساء حصد الهلال في رئاستهم بطولات محليا وخارجيا هم اكثر وفاء مع ابن سعيد، كانوا كلما حقق الفريق بطولة ذهبوا اليه في بيته او المستشفى وقدموا الانجازات هدية له وعرفانا بتأسيسه لأكبر ناد اسيوي، انها قمة الوفاء والتواضع والتأكيد على ان "ابو مساعد" رمزا رياضيا مؤثرا وليس ككل الرموز، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وألهم زوجته واولاده وبناته واخوانه واحفاده الصبر والسلوان. * المشرف على صفحة «مساحة حرة»