وهذه قصيدة من غرر الشعر الجاهلي وتتميز بقافيتها العينية وهي قافية نادرة ومحببة إلى النفس والقصيدة لسويد بن أبي كاهل اليشكري ولا تضاهيها إلا عينية أخرى للصمة القشيري التي يقول فيها: حننتَ إلى ريا ونفسك باعدت مزارك من ريا وشعباكما معا فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً وتجزع أن داعي الصبابة اسمعا كأنك بدع لم تر البين قبلها ولم تك بالآلاف قبل مفجعا كأنا خلقنا للنوى وكأنما حرام على الأيام ان تتجمعا والقصيدة لحنها الأخوان رحباني وغنتها فيروز أما سويد فيقول: بسطت رابعة الحبل لنا فوصلنا الحبل منها ما انقطع تمنح المرآة وجها واضحا مثل قرن الشمس في الصحو ارتفع لا ألاقيها وقلبي عندها غير إلمام إذا الطرف هجع فأبيت الليل ما أرقده ويعنّيني إذا نجم طلع وإذا ما قلت ليل قد مضى عطف الأول منه فرجع ثم يقول وهذان بيتا القصيد: كيف باستقرار حر ساخط ببلاد ليس فيها متسع لا يريد الدهر عنها حولا جرّع الموت وللموت جرع والشاعر لا يجيب على هذا السؤال أو التعجب ويدعنا ندور حول ما يريده دون أن نصل إليه مع أن الشنفرى يقول: وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى وفيها لمن رام القلى متنقل ولبيد يقول: ترّاك أمكنة إذا لم أرضها أو يعتلق بعض النفوس حمامها أما أنا الذي أعيش في باريس فأردد قول الشاعر: لعمرك ما غادرت بغداد عن قلى لو أنّا وجدنا عن فراق لها بدّا ولكنني أخيراً لا أجد أمامي سوى بيت المتنبي: وأيا كنت يا طرُقى فكوني أذاتاً أو نجاة أو هلاكا