كشفت تقارير طبية عن أن المملكة من أكثر الدول التي تعاني من حجم ومستوى الأمراض المسببة للإعاقات المختلفة، عند الأطفال حديثي الولادة، وأظهرت الإحصائيات أن معدل الإصابة بهذه الأمراض هو مولود واحد مصاب لكل ألف مولود (1000:1)، مقارنة بالدول الأخرى وهي (4000:1) في أمريكا وأستراليا وألمانيا، و(7000:1) في اليابان. ويصل عدد أمراض "التمثيل الغذائي الوراثية" لأكثر من (300) مريض، وعدد قليل منها يمكن معالجته، وتتسبب في حالات مرضية شديدة ووفيات كثيرة بين الأطفال حديثي الولادة، وهذه الأمراض مسؤولة عن (20%) من الحالات المرضية لدى الأطفال حديثي الولادة، وتسبب حوالي (18%) من مجموع حالات "التخلف العقلي"، كما تسبب حوالي (25%) من حالات متلازمة الوفاة المفاجئة. إن العديد من الحالات المصابة هم نزلاء دائمون في وحدات العناية المركزة أو مراكز المعوقين، يعانون من المضاعفات الصحية، مما يؤدي إلى أعباء اجتماعية واقتصادية على الأسر والمجتمع على الجانب الآخر، وفي العديد من حالات أمراض التمثيل الغذائي، فإن الاكتشاف المبكر للمرض وعلاجه قبل بدء الأعراض، وبواسطة حميات غذائية معينة أو أدوية خاصة، يمكن أن يؤدي بإذن الله تعالى إلى تحسين جودة الحياة لهؤلاء المرضى. الأمير سلطان وحديث مع أحد الأطباء المشرفين على المختبر وتعد عملية التعريف بهذه النوعية من الأمراض وسرعة التدخل المبكر، الذي يحرص عليه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة على إجرائه بمجرد ولادة الطفل، من الأولويات المدرجة في قائمة اهتمامات المركز والقائمين عليه، ففي الخامس من جمادى الأولى 1426ه، وبرعاية من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ومؤسس مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، وحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، ووزير الصحة، تم الإعلان الرسمي عن انطلاق برنامج الكشف المبكر على حديثي الولادة بالمملكة. ويتعاون مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة مع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، بدعم وتأهيل المختبر الوطني للفحص المبكر على حديثي الولادة لتنفيذ الكشف المبكر عن (16) مرضاً من أمراض التمثيل الغذائي وأمراض الغدد الصماء، من خلال تحليل نقاط دم مجففة، تؤخذ من الأطفال خلال (24) إلى (72) ساعة بعد الولادة، ويتم إرسال تلك العينات عن طريق البريد السريع إلى المختبر الوطني للكشف المبكر على حديثي الولادة. طريقة أخذ العينة من المولود مباشرة واشتملت المرحلة الأولى على (24) مستشفى تابع لوزارة الصحة، حيث تم فحص (471,464) مولوداً، مما مكن من اكتشاف (473) طفلاً مصاباً، أي بمعدل يصل إلى مصاب واحد لكل (1000) مولود، وتعتبر هذه نسبة عالية جداً مقارنةً بالإحصائيات العالمية. وتبرز أهمية برنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة، نظراً لكون أطباء الأطفال في المملكة يواجهون يومياً صعوبات عديدة في معالجة الأطفال الذين يعانون من أمراض الإعاقة الذهنية؛ بسبب أمراض التمثيل الغذائي وأمراض الغدد الصماء، ولو قدر للأطباء اكتشاف هذه الأمراض مبكراً خلال (72ساعة من الولادة) لكان من الممكن بتوفيق الله سبحانه وتعالى ثم بفضل برنامج الكشف المبكر، أن تتم الوقاية من هذه الأمراض أو معالجتها بشكل فعال، وتخليص الأطفال المصابين من شبح الإعاقة الذي يمكن أن يلازمهم طيلة حياتهم. من جهته تحدث صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة عن هذا البرنامج قائلاً: يطيب لنا أن نفاخر ونباهي بهذا الإنجاز المتألق الذي سعدنا جميعاً بتدشينه، والذي سيسهم بعون الله، في علاج ما يزيد عن (500) مولود سنوياً في المملكة، مضيفاً أن هذا الإنجاز لم يأت من فراغ، بل سبقه سنوات من التخطيط والعمل المتواصل، ساهم فيه أخوة كرام وزملاء أعزاء، فلهم خالص الشكر والتقدير والامتنان، شاكراً وزير الصحة على ما قدمته الوزارة من دور كبير وتعاون مثمر لتنفيذ هذا البرنامج، ولجميع المستشفيات والمراكز الطبية التي استكمل المركز توقيع مذكرات التفاهم والتعاون معها، ونخص بالذكر منها الخدمات الطبية في كل من الرئاسة العامة للحرس الوطني ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث والمستشفيات الجامعية، وإلى جميع العاملين بمختبرات هذا البرنامج من الكوادر المتخصصة، والى الذين قدموا كل التعاون والمساندة في تحقيق هذا الإنجاز. وأضاف أننا ننظر بعين الإكبار والتقدير لرجال الأعمال والمؤسسات الخاصة والهيئات الحكومية وأفراد المجتمع ممن لديهم الحس بالوفاء لهذا الوطن من خلال دعمهم للبحوث العلمية التي ينفذها المركز، والتي تهدف إلى خدمة هذه الفئة الغالية على أنفسنا، متطلعاً أن يكون للمركز في المستقبل شراكات مع الوزارات الأخرى والقطاع الخاص، وبما يمكنه من الاستفادة القصوى من كافة القدرات والإمكانات المتاحة.