أنقذت سيدة سعودية حياة طفلها "الوحيد" بتبرعها بنحو 25% من كبدها لترفع عنه معاناته من تليف متقدم في كبده وإصابته بتجلط كامل بالوريد ألبابي وهو الوريد الأساسي لدفع الدم للكبد. وأعلن فريق طبي جراحي سعودي أمس عن نجاح عملية زراعة كبد لأصغر طفل في الشرق الأوسط (عمره 11 شهرا) وذلك في عملية استغرقت نحو 10 ساعات في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض. ووصف ل "الرياض" الدكتور محمد الصفيان استشاري جراحة وزراعة الأعضاء ونائب رئيس قسم جراحة وزراعة الكبد بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض والذي قاد فريق عملية الزراعة حالة الطفل محمد بأنها صعبة جدا حيث أن وزنه لم يتجاوز 7.5 كيلوجرامات وبذلك فإن أوعيته الدموية كانت صغيرة جدا وليس هذا فقط بل إن وريده ألبابي والأساسي لبقاء الكبد المزروعة حيه كان متجلطا. وزاد: "نظرا لمعاناة الطفل محمد فقد تحمل الأطباء هذه المخاطرة الكبيرة لإجراء عملية الزراعة لتخفيف معاناة محمد من المرض وإدخال السرور على والديه. ولفت الدكتور الصفيان إلى أن الطفل محمد يموت موتا بطيئا أمام أعين الجميع فقد كان مستوى المادة الصفراوية في الدم يفوق 30 مرة من المستوى الطبيعي مما يؤثر على جميع أجهزته ويقوم بتوقفها عن العمل. وتابع: "ولكن بتوفيق من الله وضعت خطة علاجية للطفل محمد وبعد مناقشة طويلة مع والديه تقدمت أم محمد للتبرع بجزء من كبدها لطفلها الوحيد، وتم عمل الفحوصات اللازمة لها وتبين ملاءمتها للتبرع وتم الاتفاق على اخذ ما نسبته 25% من حجم كبدها الأصلي، ولكن بقى الطفل محمد ينتظر توفر نسيج وريدي من متوفى دماغيا حتى يتم الشروع في عملية الزراعة له. وأضاف: "وبين ترقب الانتظار وتردي حالة الطفل محمد كان الجميع في حالة خوف وشفقة على حالة الطفل وبعد طول انتظار دام قرابة سبعة أسابيع توفر لدى المركز هذا النسيج الوريدي، وبدأت عملية ماراثونية لزراعة كبد لأصغر طفل على مستوى الشرق الأوسط بأيد سعودية وقام الدكتور حمد الباهلي استشاري جراحة وزراعة الأعضاء باستئصال جزء من الكبد المتفق عليه من أم محمد وتم تسليمه للفريق الجراحي حيث تم استئصال الكبد المتليفة وزرع الكبد الجزئية والبالغ وزنها 210 غرامات. الفريق الجراحي خلال العملية ومضى الدكتور الصفيان إلى القول: "استمرت عملية الزراعة قرابة عشر ساعات من العمل المتواصل حيث تم استئصال الكبد المتليفة بصعوبة وذلك نتيجة التصاقات لعملية سابقة استكشافية وبعد استئصال الكبد المتليفة واجهتنا مشكلة تجلط الوريد ألبابي ولكن بتوفيق من الله استطعنا تخليص الوريد من التجلطات المزمنة وعملنا توسعة جراحية للوريد ألبابي والذي كان صغيرا جدا وبذلك لم نحتج لاستعمال نسيج الوريد من المتوفى دماغيا وهذا مما يحسن من أداء الكبد المزروعة ويقلل من نسبة حدوث التجلط بعد الزراعة، وبعد ذلك تم استخدام المجهر الجراحي لعمل توصيلة شريان الكبد المزروعة وقام بهذا الجزء الدكتور على الملق استشاري جراحة الأوعية الدموية الدقيقة، وتمت عملية الزراعة بنجاح كامل وبدأت الكبد المزروعة بالعمل بشكل ممتاز ويتماثل الطفل محمد حاليا الآن للشفاء وبشكل جيد. كبد الطفل محمد المتليفة بعد استئصالها وأكد الدكتور الصفيان ان برنامج زراعة الكبد والأعضاء في مستشفى الملك فيصل التخصصي من اقوى البرامج العالمية حيث أن نسبة نجاح الزراعة فيه تضاهي مراكز العالم الكبرى، منوهاً باهتمام ودعم مجلس إدارة مؤسسة الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث متمثلا برئيسه معالي الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة وبمتابعة مستمرة من قبل معالي الدكتور قاسم القصبي المشرف العام التنفيذي للمؤسسة. وأوضح الدكتور الصفيان أن آخر الإحصائيات تشير إلى أن أكثر المتبرعين للأطفال هم الأمهات لقلة توفر الأعضاء من المتوفين دماغيا والتي تعتبر مشكلة عالمية قد تم حلها جزئيا بأخذ جزء من الكبد من أقارب أحياء. ووجه الدكتور الصفيان عبر "الرياض" نداءه لأقارب المرضى أطفالا وكبارا بالتبرع لذويهم وأن هذه العملية أصبحت شبه آمنة في المراكز المتقدمة وألا يقتصر التبرع وخصوصا للأطفال على الأبوين فقط حيث أن الأبوين في حالات كثيرة لا يكونا صالحين للتبرع وتكون الحاجة ماسة لإنقاذ هؤلاء الأطفال بتوفر أحد الأقارب للتبرع. يذكر انه قد شارك في هذه العملية كل من د. عمر رضوان استشاري تخدير عمليات القلب والكبد ود. أيمن عزام مساعد جراحي أول د. باسم حجاب مساعد جراحي أول والمنسق محمود صالح، وتحت إشراف الدكتور وجيه الدخيل استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد.