بكلمة حمد، ممزوجة بابتسامة رضا، أنهى فريق طبي سعودي عملية ماراثونية لزراعة كبد لطفل لم يكمل عامه الأول، بينما كانت الفرحة تتهلل على وجه والدته التي قالت وعيونها تترقرق بالدموع «الله أكبر.. محمد ولد من جديد». 11 شهرا قضتها أسرة المواطن أحمد موسى بخيت، وهي تتألم لحالة صغيرها، الذي ولد قيصريا، ثم أمسكت به الصفراء عدة أسابيع، عرض بعدها على أطباء في المنطقة الجنوبية، غير أن التشخيص كان باستمرار خاطئا، لينقل الطفل إلى جدة بحثا عن تشخيص سليم لحالته. وفي مستشفى سليمان فقيه، وضع الطبيب الاستشاري يده على أصل الداء، وكان مفأجاة: محمد مصاب بضمور في القنوات الصفراوية، وقد أدى التأخير في العلاج إلي تليف متقدم بالكبد. أما الحل المتاح فكان إحالته إلى «مستشفى الملك فيصل التخصصي». ووفق استشاري جراحة وزراعة الأعضاء ونائب رئيس قسم جراحة وزراعة الكبد الدكتور محمد سعود الصفيان الذي قاد عملية الزراعة، فإن حالة محمد نادرة جدا، وعلاجها من الحالات الصعبة، فالوريد المسؤول عن بقاء الكبد المزروعة متجلط، ووزن الطفل لا يتجاوز 7.5 كيلوجرام، وبذلك فإن أوعيته الدموية صغيرة جدا. ويضيف الصفيان «لم يكن هناك بديل.. قررنا تحمل المخاطرة وإجراء عملية الزراعة أملا في إنقاذ محمد الذي كان يموت بشكل بطيء ومؤلم له ولأهله، بعدما وصل مستوى المادة الصفراوية في الدم 30 ضعف المستوى الطبيعي». لكن قرار المخاطرة الطبي، لم يكن ليكفي دون وجود متبرع بجزء من كبده شرط أن تتطابق أنسجته مع الطفل، ودون توافر نسيج وريدي من متوف دماغيا. يقول الدكتور الصفيان «الأم سارعت وحلت العقدة الأولى بتبرعها بربع كبدها للطفل بعدما تأكدنا من توافق الأنسجة. أما الشرط الثاني فظل معلقا سبعة أسابيع إلى أن توافر لدى المركز النسيج المطلوب». وأخيرا بدأت العملية الماراثونية، التي وصفها الدكتور الصفيان بأنها الأولى على مستوى الشرق الأوسط، حيث أخذ جزء من كبد الأم وزنه 210 جرامات، ليزرع مكان كبد الطفل المتليف، بمشاركة استشاري جراحة وزراعة الأعضاء الدكتور حمد الباهلي. واستمرت عملية الزراعة قرابة عشر ساعات، تمكن خلالها الفريق الطبي من تخليص الوريد البابي من التجلطات، ثم توسعته، ومن ثم الاستغناء عن نسيج الوريد، قبل أن تتوج العملية بنجاح كامل ليبدأ الكبد المزروع بالعمل بشكل ممتاز.