كنتُ تحدثت عن السكن بالنسبة للمواطن البسيط ، ذاك الذي دخله لا يفي بمطلبات الحياة العادية ، وبما أن السكن يستهلك عادة ثلث الراتب شهريا فلا شك أن تأمينه يعتبر مطلبا وحلما طبيعيا للمواطن ، يكفيه شر العوز . ويقي صغاره التشرد من بعده . تحدثت قليلا عن البنك العقاري ، وشروطه من جهة ومن جهة أخرى طول مدة الحصول على القرض ، مع ثبات قيمة القرض منذ إنشائه حتى الآن رغم الغلاء الفاحش وبنسبة عالية جدا، وعدتُ أن يكون مقال اليوم عن البنوك التجارية وشروط القروض . والشركات التمويلية من خارج البنوك ، والمخفي تحت عباءتها . كما أجلت الحديث عن دور مؤسسة النقد السعودي لما بعد البنوك . عندما تعلن البنوك كل عام ميزانيتها ، وتأتي أرباحها بمليارات الريالات ، نبلع أرياقنا من حسرة ، فنحن نعرف كيف تم جني هذه الأرباح ومن جيوب من !! نمزمز الحامض ، لا يذهب عقلنا للتفكير هل تقوم البنوك نظير هذه الأرباح بخدمات للمجتمع والمواطن ؟ عدا بعض التبرعات للجمعيات الخيرية والتي عادة تحسب من زكاتها أو ربما من ضريبة الدخل . قد يهون أمام الشروط التي تضعها البنوك لقرض السكن ، وتسبقها إعلانات كما المصيدة ، فتطارد راغب الاستقرار في منزل .. ويرضى بشروط مجحفة في سبيل الاستقرار النفسي . عادة يتم الإعلان عن القرض لشراء مسكن فيكون الربح المعلن ب3.5 يزيد أو ينقص قليلا ، ثم إذا قرب المواطن من المصيدة وهي مصيدة يذهب لها وهو عارف أنها مصيدة حقيقية . ويتم الحساب كالتالي . الفائدة السنوية لنفرضٍ 3.5[( الفائدة 3.5مضروبة في عدد السنوات) +(معامل1 )]مضروبا في مبلغ القرض = كامل مديونية الشخص ، كل ذاك زائدا مبلغ التأمين وايضا مضروبا في عدد السنين .مع إضافات أخرى للإصدار . ووجود ثغرات تكاد تجرد صاحب القرض من كثير من الحقوق ومنها أن المنزل يكون بالإيجار المنتهي بالتملك يرتفع ذاتيا بعد سنتين ، ومنها أيضا أن المسكن هو ملك للبنك ، وما دفع من دفعة أولى هي مقدمة للإيجار وليس نصف ثمن البيت على الأغلب ، والمفروض أن البنك في هذه الحالة يملك نصف البيت فقط. بكل تأكيد البنوك خلقت للكسب وهذا ما نعرفه ، وهذا أيضا لا ننكره على مضض ، ولكن عندما يكون هامش الربح معقولا ، ويكون فيه عدالة ، البنك حقا لا يضرب الناس على أيديها لتقترض ولكن هناك الحاجة التي تدفع بصاحبها للبحث عن مخرج وهناك أيضا الساحة الموجودة فارغة أمام البنوك وما شاكلها إلا من ظلال لا تكاد تبين للبنك العقاري . الذي يكاد يكون موجوداً مفقوداً . نأتي للشركات وأيضا بعض البنوك والتي وظفت لها هيئة شرعية يعرض عليها برنامج إقراض وتوافق عليه. مما يذكرنا بطريقة المداينة حيث يتم بيع أي شيء بسعر كبير ثم يتم شراؤه مرة أخرى بسعر متدن ، والفرق هو الربح !! والفكرة كانت أصلًا هروبا من مسمى (الربا) ، هذه الفكرة التقطتها الشركات ولعبت لعبتها فتجني هذه الشركات وبعض البنوك الأرباح من ورائها . كما قلت لست ملمة بدهاليز البنوك ولا أعرف إلا ما يمس هؤلاء الشباب وهم يريدون بناء بيت فتقف العوائق من حولهم ومصاصو جهدهم . ونبقى نقول إن ثمانين بالمائة لا يجدون مساكن . الآن نأتي لدور مؤسسة النقد السعودي وما الذي نتمناه دورا لها وهي تراقب البنوك والمؤسسات المالية . لابد لها من أن تراقب هذه البنوك مراقبة جيدة فيما يخص القروض للمنازل وترحم المواطن ، وتساعد الشباب على تكوين أسر مستقرة ، ومنها مراجعة تامة للبنود المجحفة في حقهم ، خاصة ما يتعلق بدفع مقدم للمنزل يساوي أو يزيد أو ينقص قليلا عن نصف سعر المنزل ، كما مراجعة الفوائد وتقنينها تقنينا جيدا ، كما لابد من وقفة عند الزيادة التي يضعونها بعد سنتين ، وهي زيادات تقصم ظهر المقترض .. أخيرا المعلومات التي لديّ أخذتها من شاب مقترض ، استطاع بكل مدخراته ومن ساعده من أهله دفع نصف ثمن البيت مقدما. واقترض النصف الآخر من أحد البنوك رغم ما يعرفه من إجحاف كبير ، على مبدأ (على الأقل يصير ملكي بعدين). وسلامتكم..