يبدأ المتسولون الوافدون إلى مكةالمكرمة قبل موسم الحج في حجز مواقعهم بالقرب من ساحات الحرم المكي الشريف والطرق المؤدية إليه، إلى جانب الأسواق التجارية المحيطة به، دون أن يكون هناك دور فاعل من قبل مكتب مكافحة التسول في مكافحة هذه الظاهرة، التي لم تجد حلاً مع مرور الأعوام. وعند إشارة "الدوارق" بمدخل مكةالمكرمة للقادمين من جدة، تبدأ أفواج المتسولين تتوزع على السيارات الواقفة لاستعطاف ركابها، حيث يظهر أغلبهم بعاهات ظاهرة وأخرى مخفية، وقبل أن يصل القادم من جدة إلى الحرم المكي الشريف، فإن مناظر المتسولين تستوقفه إما تحت كوبري "المنصور"، أو أمام فندق "مكة كورال"، حيث يعتمدون على توزيع جغرافي يشير إلى أنه من الصعب على أي شخص الوصول إلى الحرم المكي الشريف دون أن يوقفه استعطافهم. ومع الوصول إلى مقر فندق "دار التوحيد انتركونتننتال" حيث محطة وقوف حافلات النقل الجماعي، فإن أول صورة تظهر للراكب لحظة نزوله هي صورة "الشحاذين"، أما إن كان توجهه مباشرة من طريق جدة إلى الطريق الدائري، وشاءت الأقدار أن يقف تحت كوبري "الإسكان" منعطفاً باتجاه "الرصيفة" فإن مناظر المتسولين تظهر أمامه متوزعة في كل إشارة ضوئية. أما داخل الأسواق التجارية والمستشفيات الخاصة فحدث ولا حرج، فتوزيعهم يسير بشكل مقنن، خاصةً من قبل ما يعرف بعصابات التسول التي تعتمد على استغلال الأطفال، وتنكيل العاهات بهم لزيادة الدخل، وإن كان هناك من يرى أن هؤلاء المتسولين بحاجة إلى المال لسد جوعهم وستر عوراتهم، فان سماحة المفتي العام للمملكة طالب من قبل إدارات مكافحة التسول والجهات الأمنية بمكافحة هذه الظاهرة وعدم التساهل في الأخذ على أيديهم وقال: "إنه لا يجوز إعطاء هؤلاء ولا التعاون معهم". والواضح أن بعض المتسولين يأتون بالأطفال من بعض الدول المجاورة بنظام الاستئجار من أهليهم، ويرسمون لهم آمالا وطموحات كبيرة تعتمد على نوعية العاهة التي ينفذونها في الطفل، بهدف جذب قلوب الناس إليه وجني مبالغ مالية أعلى، ولابد من القول ان ظاهرة التسول في مكةالمكرمة مرتفعة بنسب أعلى من نظيراتها في محافظات ومدن المملكة، ولابد من حملة توعوية توضح أن من يقف أمام إشارة مرورية أو يتجول بالأسواق ليس ذلك المحتاج الذي يبحث عن قوته وقوت أبنائه، فالمحتاجون يقفون أمام أبواب الجمعيات الخيرية والمستودع الخيري ومكتب الضمان الاجتماعي، وإن كان هناك من يريد فعل الخير فأبواب الخير مفتوحة أمام الجميع، ولا تعتمد على توزيع ريالات معدودات على متسولين لا يستحقونها. ولكي نقضي على هذه الظاهرة فإن الضرورة تقتضي أن يكون هناك تعاون جيد بين الدوريات الأمنية ومكتب مكافحة التسول، وقبل ذلك تعاون المواطن الذي لا يمكن أن يقضي على ظاهرة التسول ما لم يتعاون في مكافحتها.