ظهور غير مسبوق ومشاهد واضحة الملامح لظاهرة التسول يؤكد مراقبون أنها تشهد أوسع مساحات انتشارها، ولا أدل على تصوير المشهد من أن جرأة المتسولين ساهمت إلى زحفهم جماعات وأفرادا داخل ساحات الحرم المكي وأسفل المواقف الأرضية وبجوار السلالم الكهربائية في مشهد جعل السؤال الأهم ما سر هذا الانتشار ومن المسؤول على تناميه؟. وطبقا لمراقبين اجتماعيين متخصصين، فإن مكةالمكرمة تتصدر قائمة المدن السعودية المتضررة من ظاهرة التسول، وتشكل العاهات وصكوك المديونية والإعسار المزورة أبرز أدوات المتسولين فإنها تطورت لتصل كما أحصاها البعض إلى أكثر من 16 طريقة منها المحتاج لثمن وقود، ومن يطلب مالا لشراء علبة دواء فارغة كالتي يحملها ومن سرق أثناء زيارته للحرم، ومن سرقت حقيبته بما فيها تذكرة عودته إلى بلاده. وملامح ظاهرة التسول يوم أمس كشفت أنه لم يعد التسول مرتبطا بجنسية معينة، في حين أن بروز أعداد المتسولين في وقت صلاة الجمعة يؤكد أنه يعرفون مواعيد غياب الرقابة الأمنية مقابل غيابهم مثلا ما بين صلاتي المغرب والعشاء، وأن انفتاح موسم العمرة صدر معتمرين بتأشيرة متسول وهذا ما نلحظه من وجود بعض المعتمرين برداء التسول لكن تظل الفئة اليمنية والأفريقية الأكثر تواجدا. وثمة تسول منظم يعتمد على توزيع المتسولين على بوابات الفنادق الفاخرة وعلى طول الممرات والشوارع المؤدية إليها منذ الساعات الأولى ليوم الجمعة، بل إننا كشفنا متسولين عارفين بأن ثمة فنادق مخصصة لمعتمرين من دول فقيرة وأخرى من دول خليجية. وبحسب مشاهداتنا للظاهرة يوم أمس، فإن الأفارقة يلجأون غالبا إلى استخدام العاهات كوسيلة لاستدرار عطف الناس، في حين يلجأ بعض الأفارقة البيض إلى الاستجداء كوسيلة أنجح إما بطلب دفع تكلفة علاج أو وجبة طعام، بينما يعمد المتسولون القادمون من بعض دول عربية إلى سرد قصص تراجيدية محبوكة أو الادعاء بالمرض والديون. ورصدت «عكاظ» عشرات المتسولين أسفل نفق السوق الصغير منهم بالعباءة السعودية والعقال الخليجي وآخرون يجبرون أطفالهم على الجلوس بجوارهم. المعتمرون من الوافدين والمواطنين لاحظنا أنهم يتجاوبون بسرعة مع المتسولين العجزة والمعوقين إعاقة شديدة، في حين أنهم يتجاهلون المتسولين من الشباب ولو كان يستخدم العكاز، حيث ألمح كثير منهم إلى أن مشهد المتسول العاجز والكبير في السن ربما يكون أكثر دافعية من التصدق على شاب متسول يمكن له أن يعمل. منصور الحازمي مدير سابق لمكتب مكافحة التسول في مكةالمكرمة أبان من خلال تجربته الشخصية أن مكةالمكرمة تقع على قائمة المدن السعودية المتضررة من ظاهرة التسول، إذ أن أعداد المتسولين يمكن تخيلها من خلال ضبط 363 متسولا في يومين فقط في المواسم الدينية، وقال: «ضبطنا عصابة من السيدات العربيات بشكل متفرق وعددهن 25 سيدة، وذلك بعد بلاغات تلقيناها من عدد من المواطنين الذين يعلمون بأمرهن، وتم القبض عليهن وتبين أنهن دخلن السعودية للعمرة من دولة مجاورة».