حسب جان جاك روسو (1762) القوانين مُفيدة للذين معهم ، ومضرّة للذين لا يملكون شيئاً. هذه حال المجتمعات التي ليس لها تاريخ عريق في التحضّر وحفظ حقوق الإنسان. حاولت في الجزء الأول من هذا الموضوع أن أُشخّص سبب التزام (بعض) ناس هذه البلاد بالقوانين والنظام حينما يسافرون للخارج ثم بقدرةِ قادر ينتكسون ويصبحون أشد الناس فوضوية في الداخل. وأوردت مقارنات بين السلوك هُنا وهُناك في المسألة المرورية ورأيت أن أستمر في تلك المقارنات ولكن هذه المرّة بشكل عام. في مطارات العالم يلتزم (ربعنا) في الاصطفاف بالطابور بكل هدوء وسكينة، وتجد ذات الربع يتراكضون بفوضوية في مطارات الداخل. أيضا في مطارات العالم لا يجرؤ أحدهم على التدخين في الممرات وأماكن الانتظار والجلوس وهنا كل بقعة في المطار مُستباحة للمدخنين. هناك لا يجرؤ أحدهم على إلقاء عقب سيجارة أو منديل في عرض الشارع وهُنا تتطاير علب المشروبات وزجاجات المياه وجميع أنواع النفايات من نوافذ السيارات ، ويجوز إفراغ طفاية السجائر أثناء الوقوف عند إشارات المرور. هُناك لا يمكن أن يخرج أحدهم للشارع إلاّ وهو بكامل أناقة هِندامه، وهنا لا بأس من الخروج بثوب النوم للتبضع من البقالة والذهاب للمسجد ..الخ وشاهدت يوماً أحد الموظفين في مكتب تابع لإحدى شركات الاتصالات يعمل مساء بثوب النوم ( أٌقسم على ذلك)..! هُناك يتحدث (ربعنا) في الشارع بكل أدب وبصوت هادئ . وهنا صراخ وضحك واستهتار ناهيك عن الألفاظ (الله لا يوريّك)..! يظل السؤال قائماً : لماذا يلتزم البعض بالآداب والأنظمة في الخارج ويستهترون بها في الداخل؟؟ عودوا إلى فاتحة المقال وتأملوا فيما قاله الفرنسي روسو فقد تمسكون بأول خيط للإجابة . تقول العرب: ربّ ملوم لا عذر له.