دع الدهر يأتي ما يشاء من عجايبه فما أنت من اقرانه فتغالبه فذره إذا أبصرت به منقلباً وأبصر فان الدهر جما مصايبه وجامله مهما كنت فيه مسالماً فليس له كفواً فكيف تحاربه فان كنت ممن يحمل الصبر فاصبر فكم من عجول عض غيضٍ رواجبه فما الدهر ثبات ٍ على كل حاله وما هو بمأمون ٍعلى من يصاحبه فكن حاذراً من بأسه وانقلابه فكم من غفولٍ قد دهته نوايبه فلا تكن ممن يقتدي لرايه يغالب صرف الدهر والدهر غالبه وداهن من لا تستطيق خصومته وذل لمن لا تنتهي ان تعاتبه ولا تتكل فيها على ذي قرابه فكم من قريب ٍمال عمن يقاربه ولا كل من قاربت لك ناصحاً ولا كل برقٍ لاح جادت سحايبه فكن حيزمي الرأي عند كل صاحب غدا ومجاري الفكر تحكي مناقبه ترا بوجوه الناس ما في قلوبهم وتعرف صاف الوجه منهم وغايبه اذا عبس الادنى عليك بوجهه فيوشك ان تسعى عليك عقاربه فباعده يظهر ما خفي من ضميره ومن عان وازبا عليك فواثبه ولا تبدي لمن لا يبتديك بشره تكن باغي والباغي شومٍ عواقبه وان زمجر الضرغام وزور وجهه عليك فخير الرأي ان لا تقاربه ولا تغتر فيه ان كان باسماً فما هو بسام ٍ لو لان جانبه فما يكثر الضرغام وثابه على احد الا الى كان غاضبه ولا سيما ان صبر عن فريسته وقد خضبت بالدم منها مخالبه وقد يملك الضرغام بعد عتوه ويأنس للحسنى ويصفو بجانبه وصاف الصديق ودانه وبعد العدا وان رام منك الطيب يوم ٍ فطايبه وضامر قلوب الناس تملك قلوبهم إذا شئت بالحسنى ومن طاب طايبه ولا تامن الدنيا فكم متوج غدا ملكه بالرغم ملك لنايبه ألا إلا أحداث الليالي كثيره وان زمان السوء مزور جانبه الشاعر: جاء في مخطوط لجامع مجهول هكذا"مما قال ابن مقرب" ولم أجد في غيره من المصادر من أورد هذا النص أو غيره لهذا الشاعر، وان كانت هناك إشارة في لغة النص وأسلوب الشاعر تدل على البعد الزمني حيث جاء بين الفصيح والعامي بل إنه للفصيح أقرب،وهناك شاعر الدولة العيونية في القرن السادس الهجري ابن المقرب العيوني فهل يكون هذا النص للشاعر وقد كتبه باللغة العامية فاستبعده جامعو الديوان الفصيح أو يكون نصاً فصيحاً في الأصل وحرفه الرواة إلى العامية وإن كان ذلك فلماذا لم يرد في ديوان ابن المقرب؟ سعد الحافي دراسة النص: جاء النص في مخطوط مجموع شعر نبطي لجامع مجهول وهو المصدر الوحيد للنص وعدد الأبيات فيه ثمانية وعشرون بيتاً بعض منها كتابته غير واضحة ولا يمكن قراءته،ولغة النص بين الفصيح والعامي فبعض الأبيات لا يستقيم الوزن فيها إلا بقراءتها على أنها فصيحة،والنص من نصوص الحكمة والنصح الذي يدل على عقليه ذات تجربه ثرية في الحياة،وقد بدأ الشاعر قصيدته موجهاً خطابه لمجهول وكأنه يعني المتلقي بشكل عام ناصحاً إياه بعدم الاعتراض على ما يأتي به الدهر من عجائب ومصائب فليس للإنسان قدرة على مواجهة الدهر وان ليس له إلا الصبر وان لا يتعجل في أمره حتى لا يعض أصابعه ندماً فلا أمان لأحد من تقلبات الدهر ولكن عليه أن يأخذ الحيطة والحذر وأن يداهن من هو أقوى منه ويظهر الذل لمن لا يستطيع معاتبته،كما عليه أن لا يركن إلى الأقرباء في هذه الدنيا فكثيراً ما يتخلى الأقرباء عن بعضهم وليس كل قريب مخلص في نصحه مثلما البرق لا يدل بالضرورة على المطر،ويؤكد أن في وجوه الناس علامات تدل على ما في دواخلهم،فتجهم وجه القريب يدل على قرب شره فابتعد عنه وسيتبين لك ذلك مع الوقت وإذا اعتدي عليك فقاتل دون نفسك ولا تعتدي على من لم يعتد عليك كون ذلك من الظلم والبغي الذي هو وخيم العواقب،وان يخلص في تعامله مع الأصدقاء.