تعرفين ..؟ يبدو أن الوقتَ من فُراقْ .. فعقارب الساعة تلتقي لتفترقَ مجدّدًا ..! *** ( علاقة حب فاشلة ) هذا الوصف الشائعُ لدى العامة والنخبة معًا لكل علاقة عاطفية تتجه بعد البدء إلى تنميتها ببناء رؤية نتائجيّةٍ تتكئ على التخطيط العقلي والنفسي من أجل خلق مشروع إنساني لا أراه يكتمل بالشعور العاطفي الخالص إلا بالفراق بأي حالٍ كان ، حتى لو انتهى به الأمر إلى الارتباط الأسري كذلك المشروع العاطفي المنتهي بالزواج مثلا ..سينتقل فيه الحبيب لدور الزوج ، والحبيبة لدور الزوجة ، وسيجمع بينها السكن والأحلام الحياتية المشتركة والأبناء والرغبات داخل دائرة ذلك الحب .. لكننا سنراه ( علاقة اجتماعية مكتملة ) تقوم على كل شيء داخل تلك العلاقة ، أو بمعنى آخر استثمارها لتكون وسيلة لغاية ناضجة على مستوى العقل والوجدان معا ، هكذا بكل حالاتها الاجتماعية وليست علاقة حب خالصة لتفشل أو تنجح بالمفهوم العام للنجاح والفشل في مثل هذه العلاقات ، لأن الرابط حينها ليس هو الحب الخالص ... هكذا أتصوّر الأمر حين أتتبع كل حالات الحب في تراثنا الإنساني ، والذي لايتزوّج فيه العشاق حبيباتهم ، فلا تتذاكرهم التواريخ إلا بالفراق ، ولا يتناقلهم الرواة إلا بكاةً على حالهم وما آلوا إليه ، فالقياس في نجاح العلاقة من فشلها في الحب لاتبدو في المساق النفسي الوجداني من خلال الالتصاق الاجتماعي بل من خلال الالتصاق التاريخي والخلود في صفحاته ، فعلى الرغم من جنون ( ابن الملوّح مثلا ) ونهايته الأسطورية ، أو حتى زواج بثينة بغير جميل كما تواترت حكاياتهما لنا عن طريق رواة العشق والشجن ، تظل علاقة الحب عند هذين النموذجين علاقة ناجحة جدا على المستوى الإنساني ، فلا يمكن لجذوة الشوق المنطفئة بدفء الأجساد أن تترك حرقتها وقدرتها على أن تمسّ كبد المتلقي عبر عصور التاريخ المتعاقبة ، لكنها بتوهّجها الخالد ، وترمّدها بالموت فقط استطاعت أن تخلد في الذاكرة ، وتحضر في الشجن ، وتتكاثر في المحاكاة ، ولا أخالني أبالغ حينما أقول إن حالة العشق الناجحة حالة متوحّدة لايعنيها العاشق ولا المعشوق ، ولا يخلّدها إلا أن تكون حياة صاحبها قربانًا لها ، وبالتالي حق لنا أن نستبدل القتل بالفشل في مقولتنا الشهيرة ( ومن الحب ماقتل ) ، فلا يهمّ ذلك الحب أن يكون قاتلا ، لكن مايعنيه أن يفشل كل مشروعٍ سواه ، حينما يكون الحب الخالد ذاته مشروعًا يبدأ به وينتهي عليه فقط ..!