تخيفك أشياء كثيرة، فأنت مثلا تخاف من الشيخوخة لذلك تحاربها بكل ما استطعت وكل ما تملك من صبغة تخفي الشعيرات الفضية وحقن البوتكس والكولاجين وتغيير في الأزياء وربما في الأصحاب وأنت مثلا تخاف المرض لذلك تصاب بالهلع حين تصاب بالزكام أو يوجعك بطنك وتتناول جميع أنواع الأدوية وتذهب إلى مليون طبيب ومئة صيدلية وتخلط الأدوية مع عصير الليمون وفص ثوم. يخيفك التغيير وهذا طبيعي فكل من حولك يتحدث عن ماض ذهب ولن يعود وعن نفوس تغيرت وعن الدنيا التي أصبحت بشعة وصعبة وعن القرن الذي كثرت حروبه ومشاكله متناسين أن الحروب العالمية كانت في قرن رحل وزمن مضى. التغيير يرتبط في ذهنك بالتحول للأسوأ، والتغيير قد يعني الخروج من مساحتك المريحة من الأشياء التي تعودت عليها ودائما تذكر نفسك بأن "الذي تعرفه أحسن من الذي لا تعرفه". فأنت تفضل البقاء في وظيفتك التي تكرهها ولا تطيقها لأنك خائف من تبعات الانتقال لمكان آخر فالتغيير الوظيفي ليس بالسهل خاصة حين يكون أمامك مسئوليات. أنت خائف من التغيير لذلك قد ترفض فرصا وظيفية أفضل لمجرد أنك خائف من التغيير خائف من التجربة. وأنتِ تفضلين البقاء في كنف زوج متسلط وعنيف خوفا من لقب مطلقة لذلك تتقبلين الإيذاء الجسدي الإجرامي وتعيشين دور الضحية حتى تصبحي فعلا ضحية. الخوف هو المحرك الأساسي الذي يمنعك من التغيير ويمنعك من اتخاذ خطوة قد تكون في صالحك ولأنك تفضل أن تتعامل مع السيئ الذي تعرفه وتعودت عليه أكثر من التعامل مع الجديد الذي لا تعرفه وتفضل أن تعيش حياتك متذمرا نادما بدلا من أن تتخذ خطوة قد تكون تصحيحية أو خطوة نحو الجديد الذي من حقك أن تجربه فمن حقك مثلا أن تجرب قدراتك في وظيفة جديدة أو مجال عمل جديد قد تبدع فيه؟. حياتك كلها تتمحور حول اختياراتك، وأنت تعي جيدا أنك تملك حق الاختيار وأنك كشخص ناضج تعرف أن لكل اختيار عواقبه ولكل فعل تبعاته ولكل شيء جوانبه الحسنة والسيئة، وأنك تملك تغيير اختياراتك وقراراتك حسب معطيات حياتك الحالية واحتياجات اللحظة أو العمر أو المرحلة لا حسب ما تعودت عليه في زمن مضى وتنسى أنك تتغير كل يوم فلماذا تخاف من التغيير؟ ويبقى السؤال: هل ترفض التغيير لأنك تخافه أو لأنك تعرف جيدا أنه لا يناسبك؟ إجابتك على هذا السؤال تحدد خطواتك القادمة.