تريد أن تمضي قدماً، أن تترك ما وراءك حيث كان وتمشي لغد أفضل، هذا ما تقوله لنفسك في لحظات خذلان معينة تعيشها وحيدا أو تشارك فيها أخاً أو قريباً أو صديقاً. لكن هناك عوامل كثيرة قد تجذبك للخلف، الذاكرة مثلا بكل ما فيها من حكايات منسوجة وصور مرسومة وأحداث مدونة تسكن غرفها المظلمة وتطل عليك رغم الأقفال المحكمة تنفض عنها الغبار وتخنقك أحيانا وترسم ابتسامة على شفتيك في أحيان أخرى. وهناك أيضا "الخوف" وهذا عامل آخر قد يجعل قدميك تتسمران مكانهما وترفضان الحركة أو الانتقال حتى لو كان المكان الذي أنت فيه يغرق أو يحترق، فأنت تخاف من هذا القادم من هذا الغد الذي يقف على الناصية من هذا الذي لا تعرفه. وأنت حيث أنت في مكان تعرفه جيدا، يمكننا أن نقول مكاناً مريحاً تعودت عليه وتعرف تفاصيله، ومن الصعب عليك الانتقال أو التغيير فإن تنفض رأسك وتقرر أن تمضي قدما و أن تجرب شيئا جديدا وعالما آخر مختلفاً هي خطوة صعبة جدا ولها تبعاتها وأنت قد تعلمت الخوف من هذه التبعات، فأنت تخاف الندم وتخاف من الفشل وتخاف من المجهول وتخاف من أن تخذلك نفسك وكما يقولون:" من خاف سلم" وأنت تريد السلامة. ومن حقك أن تخاف، ومن حقك أن تفكر ألف مرة قبل أن تتحرك خطوة لكن لا تنسى أن من حقك أيضا أن تمضي قدما وأن تنمو وتكبر وتنضج. لكنك أحيانا تكون مجبوراً على التغيير فلا حل أمامك سوى الانتقال أو المضي قدما، فكل ما حولك يتغير، يتطور، لديه هدف واضح وجلي يسعى له، وأنت لا تريد أن تكون متخلفا عن الركب ولا مختلفا عن الجماعة، أنت أيضا تريد أن تسير للأمام وبخطوات واثقة، لأنك ببساطة لا تستطيع البقاء حيث أنت ولا تستطيع أن تسكن الماضي. فالماضي مكانه الذاكرة وأنت مكانك هنا حيث تسطع الشمس. تريد أن تسير للأمام، انطلق وتذكر أن الحركة مفيدة وأن عليك أن تعرف جيدا أين ستضع قدمك وإلى أين ستمضي؟