أقيم في باريس وللعام الثالث على التوالي المعرض العالمي للفن الحديث في الهواء الطلق. ويعتبر هذا المعرض الذي يستقبل سنوياً أكثر من عشرين ألف زائر مناسبة مهمّة يلتقي فيها الفنانون مع أصحاب صالات العرض وهواة اقتناء اللوحات الفنية. يشكّل هذا المعرض امتداداً للتظاهرات الكبرى المكرّسة للفنون الحديثة في العاصمة الفرنسية ومنها "الفياك"، كما يتيح للجمهور الواسع التعرف على التيارات الفنية الجديدة خارج المتاحف والأماكن المغلقة. يحتوي المعرض على زهاء خمسمائة عمل فني لخمسين فناناً من مختلف الجنسيات ومنهم الفنان الفلسطيني شادي الزقزوق الذي عمل منذ عامين، وقبل استقراره في باريس، كمدرس لمادتي الرسم والموسيقى في مدارس غزة. وقد انعكست تجربته مع الأطفال على توجهاته الفنية وعلى أسلوبه الذي ينهل من مؤثرات شرقية وغربية ويعبّر عن مأساة شعبه بأسلوب حرّ ومميّز بعيداً عن الخطاب السياسي المباشر. وسبق للفنان أن أقام معارض عديدة في باريس منها معرض في صالة عرض "أرسيما" تمّ تنظيمه هذا العام خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة. من الفنون التشكيلية إلى المهرجانات السينمائية ومنها مهرجان خصص بأكمله للأفلام التي تتمحور حول القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة، وقد أقيم طوال أسبوع في مدينة نانتير في ضاحية باريس ولقي دعما من بلدية المدينة وعدد من الجمعيات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني في فرنسا. شاركت في هذه التظاهرة مجموعة كبيرة من الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة لمخرجين فلسطينيين وأوروبيين وإسرائيليين معروفين بنقدهم لسياسات حكوماتهم. من الأفلام الفلسطينية المشاركة فيلم "عرس الجليل" للمخرج ميشال خليفي الحائز على جائزة النقاد في مهرجان "كان" الدولي عام 1987 ويروي قصة عرس فلسطيني في قرية تحت الاحتلال يصرّ حاكمها الإسرائيلي على حضور العرس شخصياً حتى يسمح بإقامته. وفي ليلة الحفل تظهر التناقضات والصراعات الحادة بين الأطراف المختلفة. فيلم فلسطيني آخر شارك في المهرجان وهو بعنوان "ملح هذا البحر" للمخرجة آن ماري جاسر وهو يكشف عن جيل جديد من المبدعين الفلسطينيين. وقد عرض في مهرجان "كان" العام الماضي ولاقى إعجاب الجمهور بفضل أسلوبه الرشيق الذي يعتمد على الكوميديا السوداء وتناوله لموضوع الجذور وحق العودة. بطلة الفيلم تدعى ثريا وهي من مواليد نيويورك في الولاياتالمتحدة لكنها تقرر العودة وزيارة المدن التاريخية ومنها رام الله والقدس ويافا بحثاً عن الهوية الضائعة . من الأفلام الروائية إلى الأفلام الوثائقية ومنها فيلم بعنوان "الجدار الحديدي" للمخرج محمد العطار ويتناول سياسة الاستيطان التي اعتمدتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 معتمداً على لقاءات مع سياسيين ومحللين ومؤرخين فلسطينيين ومنهم غسان الخطيب وهند خوري, هناك أيضاً لقاءات مع ناشطي سلام إسرائليين ومنهم جيف هالبير المعروف بنقده لسياسة هدم المنازل الفلسطينية التي تعتمدها الدولة الإسرائيلية. نشير إلى أنّ أكثر ما تميّز به مهرجان السينما المخصص لفلسطين في مدينة نانيتر جلسات الحوار والندوات التي أعقبت عرض الأفلام وقد شاركت فيها مجموعة كبيرة من الإعلاميين والناشطين والمؤرخين العرب والغربيين وتناولت مواضيع متنوعة عكست هموم الماضي والحاضر. وفي إطار المهرجانات السينمائية دائماً، أقيمت في باريس الدورة السابعة للمهرجان العالمي للسينما الإيرانية في المهجر وتميزت هذا العام بتنوع الأفلام المشاركة والموزعة بين الأفلام الوثائقية والروائية لمخرجين إيرانيين وأوروبيين ومنهم المخرجة الفرنسية ألكسندرا بارابوشي التي أنجزت عام 2006 فيلماً وثائقياً مميزاً بعنوان "أفغانستان البناء من خلال المسرح". وكان تمّ تصوير هذا الفيلم بكامله في كابل أثناء إقامتها لمدة شهر في المدينة حيث التقت عدداً من المثقفين والممثلين الأفغان الذين عبّروا عن حبهم للمسرح وعن ثقتهم بأنّ هذا الفنّ قادر أن يؤدّي دوراً هاماً في خلق مناخ ثقافي جديد يساهم في إخراج أفغانستان من عزلتها ومن دورة العنف التي تتخبط فيها منذ سنوات طويلة. باريس