أطلقت عدد من المنظمات الطاقوية العالمية تحذيرات قوية بشأن تدني حجم الاستثمارات النفطية على جميع مستوى المنتجين للوقود الاحفوري بالعالم نتيجة الى أزمة المال التي تعصف بالاقتصاد الدولي مبدية قلقلها الشديد من انعكاسات ذلك السلبية على نمو الاقتصاد العالمي وتطوير المجالات الصناعية والتقنية والتجارية التي تعد المحرك الرئيس للتنمية البشرية والتقدم الحضاري على مستوى جميع الدول. وخيم التشاؤم على تقارير استشرافية صدرت خلال الأسبوع الماضي عن وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الاوبك ومنظمة الأوابيك و بنك "ستاندرد تشاردرد" إذ عكست تدنيا مزعجا لحجم الاستثمارات الطاقوية في جميع الدول والشركات المنتجة للبترول بسبب مشاكل تتعلق بالتمويل وضعف الحوافز الاستثمارية وضبابية حجم الطلب على النفط بالإضافة الى عدم وضوح الرؤية بالنسبة لقاع الأزمة المالية العالمية الحالية. وعكست هذه التقارير تراجعا في حجم المشاريع النفطية بنسبة تتراوح ما بين 20 الى 30% حيث عمدت كثيرا من الشركات البترولية الى الغاء أو تأجيل أو إعادة جدولة تنفيذ مشاريعها الطاقوية متذرعة بأن الأزمة المالية خلقت أجواء استثمارية تختلف عن تلك التي كانت عند التخطيط لهذه المشاريع حيث تهاوت أسعار البترول والسلع الأخرى الى مستويات لا تدعم ربحية المشاريع كما أن قلة التمويل من قبل البنوك أعاقت المضي قدما في الالتزام بالجداول الزمنية لتنفيذ المشاريع البترولية، وتركز معظم التأجيل أو الإلغاء في مشاريع المصب "الاستكشاف والإنتاج" حيث ان هذه المشاريع ترتبط بالنفط الخام الذي يشهد تراجعا في الطلب وبالتالي فإن الشركات المستثمرة تتخوف من عدم تحقيق أرباح تعيد لها ولو جزءا مما انفقته على هذه المشاريع التي تكلف مليارات الدولارات. وبحسب الدراسات التي قدمتها هذه الجهات الاسشتارية فإن الاستثمارات النفطية شهدت تراجعات منذ الربع الثالث من عام 2008م حيث أشار بنك "ستاندرد تشارترد" أن قيمة الصفقات العالمية في قطاعي تنقيب النفط والغاز وإنتاجهما انخفضت من نحو 160 مليار دولار في عام 2007 إلى نحو 104 مليارات دولار عام 2008، بمعدل انخفاض 35%. كما انخفضت قيمة الصفقات التي أبرمت في منطقة الشرق الأوسط من هذا النوع من نحو 13 مليار دولار عام 2007 إلى نحو 3.7 مليارات دولار عام 2008، لتنخفض بمعدل 71.5 %. ورأى محللون في هذه المنظمات أن تراجع الاستثمارات النفطية سيفضي الى بروز شح في الامدادات البترولية يؤدي في المستقبل الى العجز عن مواجهة الطلب على مصادر الطاقة مما يكبح تقدم النمو الاقتصادي ويقهقر تنامي التبادل التجاري ودعم التنمية المستدامة وهي عوامل لا تصب في مصلحة الشعوب لا سيما الشعوب النامية التي تعاني من تبعات الازمة المالية. الى ذلك حافظت أسعار النفط على مستوياتها فوق 54 دولارا للبرميل تعززها أنباء الجهود الدولية بشأن إنعاش الاقتصاد العالمي وكذلك التخفيضات التي تجريها منظمة الاوبك وفقا لقراراتها الأخيرة بشأن امتصاص الفائض من النفط الخام.