سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اجتماع جدة الطاقوي يبحث سبل الحد من الطمع وتهدئة الفزع لحماية الاقتصاد العالمي صفقات بمليارات الدولارات ببراميل وهمية رفعت أسعار النفط إلى مستويات قياسية
تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعقد قادة الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة الأحد القادم في جدة اجتماع لبحث الحلول المناسبة للحد من تنامي أسعار النفط إلى مستويات تهدد بإنهاك الاقتصاد العالمي وقهقرة نموه الأمر الذي سيضر بتنمية الشعوب وإرهاق ميزانية المستهلك النهائي لمصادر الطاقة. وتأتي مبادرة الملك عبد الله انطلاقا من بعد نظره وتقديره لتبعات الأمور قبل حدوثها إذ إن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات عالية لن يكون في صالح الدول المنتجة رغم أن ذلك يرفع من مدخولاتها المالية حيث إن ارتفاع أسعار البترول سوف يؤثر على أسعار السلع الأخرى والمعدات التي تدخل في كثير من الصناعات ومنها صناعة النفط ولذلك فإن زيادة الدخل التي تأتي نتيجة إلى ارتفاع الأسعار يمتصها ارتفاع المواد والسلع الأساسية وبالتالي فإن الضرر الاقتصادي سوف يعم الجميع. وكانت المملكة سباقة إلى طرح المبادرات التي تفضي إلى معالجة أي تأثيرات على مسار أسعار الطاقة والعمل على تقريب وجهات النظر بين المنتجين والمستهلكين وصولا إلى رؤية مشتركة تضمن انسياب النفط إلى الأسواق العالمية بصورة تحقق الفائدة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء، ولذلك سعت قبل عدة سنوات إلى إنشاء الأمانة العامة لمنتدى الطاقة بالرياض والذي يهدف من خلال التعاون والحوار تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة مما يحفز نمو الاقتصاد العالمي ولا يضر باقتصاديات الدول المنتجة والمستهلكة وبالذات الدول النامية كما أنها تعمل على توفير مناخ من الثقة بين جميع الأطراف في السوق والصناعة البترولية وإيجاد أرضية مشتركة لترسيخ روح التعاون والحوار وبما يحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للنفط والغاز ويخدم الاقتصاد العالمي، وأسهم تأسيس الأمانة العامة لمنتدى الطاقة بالرياض في إحداث نقلة في عمل المنتدى فهي بمثابة البوصلة التي تحدد الاتجاه من جهة علاوة على ضبطها لإيقاع الحوار وضمان انتظامه بشكلها المؤسسي الدائم إذ وضعت الأمانة معايير الشفافية والإفصاح والمصداقية أرضية راسخة لها منذ إنشائها وسجلت مشاركات مهمة على أكثر من صعيد في الساحة الدولية ذات الصلة بالطاقة. ويجتمع قادة الدول المنتجة والمستهلكة في ظروف غاية في الدقة إذ إن مسببات ارتفاع أسعار النفط لا تزال غير واضحة المعالم فكل جهة ترمي باللائمة على الأخرى وسط اشتعال في أسعار المواد الأساسية وظهور بوادر كساد اقتصادي يلف اقتصاديات العالم الذي أصبح قرية صغيرة تتأثر أجزاوه ببعضها بصورة سريعة جدا في زمن العولمة والتبضع عن طريق الانترنت من أي بلد على المعمورة وبلمسة زر. أمام القادة تحديات كبيرة للوصول إلى الحلول المناسبة للحد من طمع المستفيدين من ارتفاع أسعار البترول ومن جهة ثانية تهدئة فزع المستهلكين الذين يتخوفون من صعود الأسعار إلى مستويات ترهق ميزانياتهم وتنهك اقتصادهم وتؤثر على تطور صناعاتهم وهو أمر يزعج حتى منتجو النفط والشركات النفطية التي راحت تراجع ميزانيات مشاريعها وترفع من تكاليف الصرف على برامجها التشغيلية حتى من خلال الترشيد في النفقات والتقليل من حجم العمالة. أسباب ارتفاع الأسعار من وجهة نظر المنتجين لا يزال المنتجون والمستهلكون يتقاذفون الاتهامات حول أسباب ارتفاع الأسعار وصعودها إلى مستويات قياسية فاقت 139دولاراً للبرميل إذ تشير الدول المنتجة إلى أن الأسباب تعود إلى توجه السيولة إلى أسواق الطاقة هروبا من التضخم الذي سببه انخفاض سعر الدولار ما اوجد مضاربات محمومة في عقود النفط الآجلة فهناك مليارات الدولارات التي دخلت إلى السوق النفطية للمتاجرة في براميل وهمية يتم تداولها على الشاشات وتمتص السيولة من السلع الأخرى الأمر الذي جعل أسعار النفط تتنامي إلى هذه المستويات المرهقة لكاهل الاقتصاد العالمي ،كذلك فإن من بين الأسباب العوامل النفسية للمضاربين نتيجة إلى بروز بعض التوترات السياسية في مناطق تتمحور حولها مكامن النفط وكذلك حدوث قلاقل أمنية يخشى أن تؤثر على التدفقات النفطية، كما أن من أهم العوامل نقص الاستثمارات في المصافي النفطية ما أحدث شحا في المواد البترولية المكررة وتراجع مستويات المخزنات من هذه المواد في الدول الصناعية الكبرى. مبررات ارتفاع الأسعار لدى الدول المستهلكة الدول المستهلكة تنحي باللائمة في ارتفاع الأسعار على الدول المنتجة بسبب عدم ضخ المزيد من النفط إلى السوق النفطية وبالتالي تهدئة فزع المستهلكين وبث الارتياح النفسي لدى المتاجرين بالنفط بأنه لن يحدث شح في مصادر الطاقة يثير قلق مستهلكي الطاقة، كما أنها ترى بأن الدول النفطية لم تسن خططا وبرامج للاستكشافات النفطية وتوسيع دائرة الاستثمارات الطاقوية في مجال البحث والتنقيب والإنتاج. الضرائب الباهظة ترفع الأسعار يقول خبراء نفطيون بأن الدول المستهلكة تساهم في ارتفاع أسعار النفط من خلال الضرائب الباهظة التي تفرضها على النفط فهذه الضرائب تلعب دورا رئيسا في ارتفاع الأسعار فالدول الصناعية تجني مبالغ طائلة من هذه الضرائب والمتضرر هو المستهلك النهائي فعلى سبيل المثال نجد أن النرويج تجني 21مليار دولار سنويا جراء ضرائب الطاقة كما تجنى بريطانيا 14مليار دولار ووصل ريع الضرائب من الطاقة في كوريا إلى 13مليار دولار إذ تفرض بريطانيا ضريبة على الطاقة تصل إلى 80% وفرنسا ضريبة بحدود 76% وألمانيا 75% وإيطاليا72%، والبرازيل 65%، واليابان 53%، وتفرض الولاياتالمتحدة 34% على الغازولين و40% على الديزل، وفي الصين تأني الضريبة الأقل إلى 17%. والدول الصناعية ترفض حتى البحث في مسألة خفض الضرائب إذا رفض وزراء المال في منطقة اليورو قبل أسبوعين بحث خفض قيمة ضريبة القيمة المضافة على زيت التدفئة والبنزين كجزء من جهود تخفيف الضغوط على دوائر الأعمال في التكتل الأوروبي واستبدلوا ذلك بالدعوة إلى بذل مزيد من الجهود باتجاه خفض استخدام النفط والبحث عن البدائل حتى ولو كانت مرتفعة القيمة. رفع حجم الاستثمارات الطاقوية ارتفاع أسعار الطاقة دفع شركات النفط العالمية إلى إعادة النظر في ميزانياتها والعمل على استغلال الفرص المتاحة في صناعة النفط وتشير مصادر في صناعة الطاقة أن المخططين في شركات النفط العملاقة ينكبون على إعادة دراسة التكاليف الرأسمالية المخصصة لمشاريع تنوي الشركات تنفيذها خلال الخمس سنوات القادمة بهدف زيادة المبالغ المخصصة لها بنسبة تصل إلى 30% لتتلاءم وأسعار السلع والخدمات في السوق العالمية التي تأثرت بسبب اعتلال صحة الدولار منذ العام الماضي واستمرار إنهاك قواه في حلبة التنافس الاقتصادي. ويتوقع أن يفضي ذلك إلى رفع حجم الاستثمارات العالمية المطلوبة لتعزيز مصادر الطاقة في العالم خلال الخمسة والعشرين عاما المقبلة من 16تريليون دولار إلى 21تريليون دولار لتطوير عمليات استكشاف وتطوير وإنتاج البترول ومواجه الطلب المتزايد على مصادر الطاقة نتيجة إلى نمو الاقتصاد وخاصة من دول تسجل معدلات عالية في أداء اقتصادها مثل الهند والصين واليابان والدول الآسيوية ذات الاقتصاديات المتطورة. ويعني هذا التوجه أن الدول الأعضاء في منظمة الأوبك التي تزود العالم بحوالي 40% من احتياجاته الطاقوية سترفع من المخصصات التي رصدها لمشاريع نفطية خلال الخمسة أعوام القادمة من 130مليار دولار إلى 169مليار دولار وكذلك إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية لمشاريع طاقوية تنوي الدول تنفيذها حتى عام 2020م قدرت تكاليفها بحوالي 500مليار دولار لتتواكب والزيادة في الأسعار العالمية. بحث حلول إنتاج الوقود الحيوي من المتوقع أن يثار خلال الاجتماع بحث تأثير إنتاج الوقود الحيوي من بعض المنتجات الزراعية على الأمن الغذائي العالمي حيث إن توجه بعض الدول الصناعية إلى إنتاج الوقود الحيوي "الايثانول" من بعض المحاصيل الزراعية أوجد قلقلا عالميا من تأثير ذلك على المواد الغذائية وهو ما يفضي إلى تجويع الشعوب وخاصة في الدول الفقيرة التي تعاني من الفاقة ونقص المواد الغذائية الأساسية وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم لمتحدة (فاو) انه من المتوقع زيادة الإنتاج العالمي من الوقود الحيوي في السنوات العشر المقبلة مدعوما بأهداف حكومية مرتفعة لنسبته في مزيج البنزين. ومن المتوقع أن يصل إنتاج "الايثانول العالمي" إلى حوالي 125مليار لتر في العام 2017أي ضعف حجم الإنتاج في عام 2007م ومع أن تكاليف إنتاج الوقود الحيوي ظلت أعلى بكثير من إنتاج الوقود الاحفوري في نطاق 104الى 106دولارات للمئة لتر إلا أن الدول الصناعية الغربية ظلت تمضي قدما في دعم هذا التوجه رغم تهديده للأمن الغذائي ومساهمته في تعميق الفقر في الدول النامية.