إذا أردنا كتابة تحقيق عن وضع الدراما السعودية في الوقت الحالي، فمن أين نبدأ؟ ومع من نتحدث؟ بالتأكيد لن نذهب إلى النجوم الذين يعملون حالياً لأنهم في وسط المعمعة ولن تخلو آراءهم من تأثير المنافسة والرغبة في التفوق، لذا فإن الأنسب هو أن نبحث عن الذين يمتلكون القدرة على رؤية الصورة كاملة انطلاقاً من تجربتهم الخاصة في مجال الدراما وهؤلاء هم جيل الرواد الأوائل الذين ابتعدوا عن الساحة بعد أن مهدوا الطريق لنجوم اليوم، ومن هنا كان لقاؤنا بعميد الدراما السعودية الأستاذ أحمد الهذيل وبالأكاديمي الخبير في فن الدراما والمسرح الدكتور حزاب الريس لنسألهما عن وضع الدراما المحلية والأهم عن توقعاتهم لما سنراه في رمضان المقبل. بداية سألنا أحمد الهذيل عن الأعمال القادمة فقال بصراحة شديدة "لا أتوقع أن هناك شيئاً جديداً هذا العام، العملية كلها أصبحت تجارية من أشخاص دخيلين على الدراما السعودية مدعومين برؤوس أموال ضخمة، وللأسف فقد تم تشويه الدراما السعودية من قبل هؤلاء الأشخاص". ويقول بكل أسف إن الدراما التي نعيشها اليوم ليست الدراما التي كنا نحلم بها. أما الدكتور حزاب الريس فكانت وجهة نظره تفصيلية نوعاً ما إلى حد أنه أستعرض أهم رموز وسطنا الفني ذاكراً رأيه الشخصي فيهم، فمسلسل بيني وبينك يحتوي على كوميديا متميزة على حد تعبيره ويمتاز نجومه، راشد الشمراني وفايز المالكي بجاذبية جماهيرية، ودلل على قوة سيناريو بيني وبينك أن الممثل حسن عسيري استطاع أن يمثل بشكل جيد لأنه كان يبحث عن كاتب يفصل النص على قدراته. وبالنسبة لمسلسلات عامر الحمود قال الريس "عامر لا يقدم دراما على الإطلاق، وتفتقر نصوص ليلى الهلالي للفكرة والعمق ومليئة بالتمطيط غير المبرر". ولم يخل مسلسل غشمشم من النقد حيث قال عنه إنه "لا يعالج قضايا اجتماعية بشكل واضح ويفتقر لعناصر البناء الدرامي الأساسية". أما عن نجوم طاش ما طاش عبدالله السدحان وناصر القصبي اللذين سيظهران هذه السنة في مسلسل (كلنا عيال قرية) فامتدح الهذيل خطوة توقيف مسلسلهما الشهير قائلاً "شيء جيد خروج عبدالله وناصر من عباءة طاش واقتناعهما بأنهما قد كررا نفسيهما كثيراً في السنوات الأخيرة". وشخّص الهذيل إشكالية طاش في مواسمه الأخيرة بأنهم كانوا "يستعرضون قضايا اجتماعية بشكل غير ناضج". وعن سبب ابتعاد الهذيل عن المشاركة في الأعمال التلفزيونية قال "أنا لن أنزل من مستوى نفسي وأتعاقد مع تجار على حساب قناعاتي الفنية، فأنا أبحث عن عمل يضيف لمسيرتي". ولفت الهذيل النظر إلى أن الكثير من الفنانين الذين يشتغلون في الوسط الفني ينقصهم الكثير من الثقافة والوعي بأبجديات الصنعة الدرامية، وأن بعض نجوم اليوم ساعدتهم القنوات الفضائية وقليل من الحظ ليتربعوا على عرش النجومية. وعقّب الهذيل على تصريحات الممثل عبدالله السناني الذي تظلم فيها من رفض التلفزيون السعودي لأعمال شركته الإنتاجية على صفحات ثقافة اليوم، وقال الهذيل في هذا الصدد "التلفزيون السعودي رفض أعمال السناني لرداءتها وليس للخلفية المسرحية التي يتمتع بها أعضاء لجنة التحكيم كما لمح السناني بذلك"، وأحد أسباب انحدار الدراما من وجهة نظر الهذيل أن أغلب المنتجين تحولوا لأبطال في مسلسلاتهم. وعقب الأكاديمي حزاب الريس على ضرورة التأهيل الأكاديمي للفنان السعودي ومعرفته بتاريخ وقواعد الدراما. وقد طلبنا من الهذيل ذكر بعض الأمثلة الإيجابية على الجودة الإنتاجية لبعض المسلسلات السعودية التي يحتفظ بها في ذاكرته، ذكر مسلسل "مجاديف الأمل" على أنه أفضل مثال على الدراما السعودية، بالإضافة إلى مسلسل القدير محمد العلي "خلك معي" و"طاش ما طاش". واستشهد الريس بالمسلسلات التركية وأثرها في تحسين صورة تركيا في مجمل حديثه على فكرة الاستثمار بالدراما لتحسين صورة المجتمع السعودي، مضيفاً في الوقت نفسه أن المجتمع السعودي لا يعي تأثير الدراما بالشكل المطلوب.