اطلعت في موقع جريدة الرياض الإلكتروني - المتميز - على مقال الأستاذ رجا ساير المطيري - الموسوم ب "قانون المجتمع والسينما السعودية" المنشور بجريدة الرياض في عددها ذي الرقم 14591الصادر يوم الخميس 1429/6/1ه اطلعت عليه وعلى جميع تعليقات القراء الرافضة. والمؤيدة له ممن يظهر - والله أعلم - انهم من صغار السن ممن تنقصهم الثقافة الشرعية. ومع شكري للقراء الذين استفدت من تعليقاتهم المنشورة في موقع الرياض المتميز في التعقيب على كاتبنا الفاضل الأستاذ/ رجا - الذي اشكره بداية على كل مقال ينفع البلاد ويفيد العباد في الدنيا والآخرة. وأود أن أتوقف معه عند حماسه لإشاعة وتعزيز وتكريس ثقافة السينما والترويج لها غافلا ومتغافلا عن فسادها وإفسادها. ومذكرا الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم: (من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا). وعجبا إن كان كاتبنا الفاضل يرى شكا في فساد السينما وإفسادها! وأي فساد وإفساد أكثر وضوحا وجرأة من الإصرار على المجاهرة بالمنكرات والمحرمات شرعا؟ و دعوتها بلسان الحال إلى ثقافة السفور والتبرج والاختلاط ونبذ الحجاب الشرعي الذي لا يصف ولا يشف، مما يُخشى معه أن تستجلب غضب الله وسخطه، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من مغبة مخالفة الأحكام الشرعية (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). أليست معظم الأفلام تغص وتطفح بمشاهد السفور المحرم، والتبرج المحرم، والاختلاط المحرم؟ ولن أدخل في نقاش بشأن الخلاف على تحريم كشف المرأة لوجهها أمام الأجانب. ولكن لننطلق من فتوى جواز ذلك، حيث لا يخفى على الجميع أن سماحة محدث العصر العلامة الشيخ الألباني وغيره من العلماء غفر الله لهم، لم يطلقوا الفتوى بجواز كشف الوجه، بل قيدوها! نعم، قيدوها بعدة شروط، من أهمها: عدم وضع المرأة للزينة من كحل ومكياج، وكذلك عدم لبس الملابس الضيقة التي تصف حجم أعضاء جسمها ومفاتنها. ولكن الواقع المر المشاهد أن الممثلات في أفضل الأفلام الخالية من المشاهد غير الأخلاقية، لم يلتزمن بهذه الفتوى، بل جزأنها مع أنها وحدة واحدة، فانتقين منها ما يوافق الهوى، حيث أخذن بالقول بجواز كشف الوجه، وحطمن ووأدن قيود وشروط جواز كشف الوجه، فبدأن هداهن الله يتنافسن ويتسابقن على وضع مساحيق وأصباغ الزينة التي تفتن الناظرين إليهن، وكذلك لبس الملابس الضيقة التي تثير الغرائز وتحرك الشهوات، بل وتجاوزن ذلك إلى كشف الشعر والنحر والصدر والذراعين على الرغم من أن الإجماع المنعقد دون أدنى خلاف في جميع المذاهب يقضي بتحريم كشف المرأة لأي شيء من ذلك أمام الأجانب من غير ضرورة شرعية تقدر بقدرها. ولا يخفى على الجميع أن كثرة وجود الأفلام وتسويقها وعرضها وبيع تذاكرها والإقبال عليها في أي مكان وفي أي زمان لا يغير من حكم تحريم مشاهد السفور المحرم والتبرج المحرم والاختلاط المحرم التي تتضمنها تلك المشاهد، فليست القضية قضية كثرة إنما القضية قضية حق، قال تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله). ولا يخفى أيضا أن سمو قصة الفيلم ونبل غايته، لا يبرر إطلاقا ارتكاب المعاصي والمنكرات والمخالفات الشرعية، والتي أظهرها السفور والتبرج المشار إليه أعلاه المجمع على تحريمه دون أدنى خلاف في جميع المذاهب بل في جميع الشرائع السماوية. وبالمثل يتضح المقال: لو أن فتاة غاية في الجمال، وذات جاه وحسب ومال وثقافة، ولكنها مصابة بمرض الإيدز، فهل يمكن أن تغري كل تلك الإيجابيات المتعددة أن يغمض أي عاقل عينه عن مرضها الخطير، وأن يغامر بقبولها زوجة له أو لأحد من أبنائه أو إخوانه أو أقربائه؟! وعليه فإنه ليست المشكلة في السينما بعض اللقطات أو العبارات غير الأخلاقية العابرة التي يمكن معالجتها بواسطة مقص الرقيب، ولكن المشكلة في أسها وأساسها وآلية تنفيذها هو سفور الممثلات المتواصل وتبرجهن المستمر المجمع على تحريمه في جميع المذاهب دون أدنى خلاف وكيف سيتم الجمع بين أمر ملك الملوك: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، وبين مشاهدة: مشاهد السفور المحرم والتبرج المحرم والاختلاط المحرم؟ ثم لننظر حال الدول العربية التي حازت قصب السبق والريادة السينمائية! هل أسهم انتاجهم الفني الغنائي منه والتمثيلي في حل مشاكل مجتمعاتهم المتعددة والمتنوعة؟! وهل ح فزت وقادت الجيل المسلم إلى السباق والتنافس على علوم التقنية والطب والهندسة؟ وهل رفعت هممهم نحو تحصيل العلوم التي تفيد البلاد وتنفع العباد؟ وأعمال نجوم وأبطال الفن زعموا! هل أسهمت في رقي دولهم؟! أم أنها من أخطر معاول هدم قيم وأخلاق المجتمع؟! وعليه فلا خلاف على فكرة السينما، إنما الخلاف والاعتراض على آليتها وبيئتها التي لا تسر، وواقعها الذي لا يشرف. فالحذر من مغبة الإصرار على المجاهرة بالمنكرات الفنية (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب). وأهلاً بالسينما، السامية أهدافها، النبيلة غايتها، النقية، من المحرمات، الخالية من الممنوعات شرعا، المنضبطة انضباطا تاما بأحكام الشريعة الإسلامية التي قامت وتسير عليها مملكتنا الغالية المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين وقدوتهم ومهوى أفئدتهم ومحط أنظارهم، حفظ الله مملكتنا الغالية وأدام عليها نعمة الإيمان والأمن والأمان والرخاء في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين أيدهم الله وأدام عزهم وحفظهم ورعاهم. واسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،