قبل مناقشة الموضوع يجب أن نذهب الى ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية بشأن العادات السيئة التي تؤدي إلى الموت. حيث وضعت عشرة أسباب لتلك العادات ومنها نقص الرعاية الصحية التي صنفت في المرتبة الخامسة من القائمة (نقصد هنا عدم التركيز في التوعية الصحية التي أصبح لها الدور الرئيس في الرعاية الصحية) ومنها عدم التوعية بمخاطر استخدام الدواء (موضوعنا) من دون استشار الطبيب على المرضى الأصحاء او على المرأة الحامل او المرضى الذين يعانون أمراضاً عضوية أخرى وأيضاً عدم امتثال المريض لأوامر الطبيب وبالتالي عدم اخذ الدواء بانتظام والاهمال في اخذ بعضه وايضاً التردد على أكثر من طبيب في وقت واحد (بحجة عدم الاقتناع بالطبيب) مما يؤدي بالمريض الى الضياع والتأخر في شفاء الحالة المرضية وربما تدهور الحالة نفسها مما يؤدي لعواقب لا تحمد عقباها لا سمح الله. وموضوع استخدام الأدوية من دون استشارة طبيب يعود إلى عدة أسباب نذكر منها: - أولاً الخجل: حيث يخجل الشخص من مراجعة الطبيب فيلجأ إلى العلاج مباشرة مثل مرضى الأمراض الجنسية او الامراض النفسية. فيستخدموا أدوية العلاج من دون استشار الطبيب او الرجوع إليه حتى تتدهور حالته إلى الأسوأ. - ثانياً الجهل: حيث يجهل الشخص بمفعول الدواء وتأثيراته الجانبية العكسية السلبية فيستخدم الدواء بناء على نصيحة صديق او جار او نتيجة اعلان بإحدى وسائل الاعلان المقروءة او المسموعة او المرئية من خلال سماع برنامج صحي تلفزيوني وما شابه ذلك من دون وعي لتلك التأثيرات السلبية وأضرارها. فلكل داء دواء وليس مفعول الأدوية تتماشى او تناسب تركيبة كل المرضى. وأحياناً يلجأ الشخص إلى استخدام الدواء القديم في صيدلية المنزل اقصد الدواء المستخدم سابقا الذي قد يكون منتهي الصلاحية او هناك نصائح من الأطباء بعدم تكرار استعماله بعد فترة من الزمن مثل المضادات الحيوية. - ثالثاً قلة الموارد المالية وغلاء أسعار العلاجات: وهذا يؤدي بالشخص لشراء او استخدام الدواء الأرخص او القديم الصنع بغض النظر عن مفعوله وتأثيراته الجانبية العكسية لعدم استطاعته الوفاء بقيمة الدواء فيلجأ لذلك مثل أدوية الإيدز. - رابعاً الإهمال: وهو سبب رئيسي حيث إهمال أولياء الأمور وإغفالهم عن مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه رعاياهم من الوالدين والزوجة والأبناء يؤدي بهؤلاء الرعايا من دون وعي التصرف الخاطئ في استعمال الدواء او استخدامه من دون استشارة الطبيب، وخاصة: - الخلطات الشعبية والوصفات التي لا تحمل رقم تسجيل بوزارة الصحة وهو غير رقم السجل التجاري الذي تضعه المؤساسات والشركات على الوصفات الشعبية على أساس انه رقم التسجيل الصحي والتي يتم الترويج لها عن طريق الصحف والمحلات والمراكز التجارية ومحطات الوقود للأسف في الوقت الحاضر. - كثرة استخدام المضادات الحيوية حيث يؤكد المتخصصون ان استخدامها من دون تمييز في حالات لا يحتاج الى تناولها من قبل المريض ادى إلى اكتساب مناعة لدى بعض الجراثيم ضد هذه الأدوية واصبحت بعض الجراثيم مقاومة لعدد من المضادات الحيوية التي اصبحت بدورها تهدد الإنسان لصعوبة علاجها ومقاومتها. ويؤكد المتخصصون ايضا ان السنوات الأخيرة شهدت ظهور جراثيم بكتيرية مقاومة لجميع المضادات الحيوية الموجودة حاليا، حيث ان هذه الجراثيم تمكنت من تغير صفاتها الجينية تحت ضغط سوء استخدام المضادات الحيوية لتصبح خارقة تسبب الامراض ولا يمكن علاجها بالمضادات الحيوية المتوافرة، ولذلك فقد قامت منظمات ومؤتمرات عالمية بالدعوة لترشيد استخدام المضادات الحيوية في المجتمعات كجزء من برنامجها للتصدي لهذه الظاهرة وايجاد الحلول الكفيلة بمكافحتها وللأسف لا يزال الاطباء في مجتمعنا يستخدمون المضادات وبكثرة من دون مراعاة لنصيحة المتخصصين. والغريب في الصيدليات أنها أصبحت كالبقالات أما تبيع الدواء من دون وصفات طبية وإما يوصف الصيدلي الوصفات العلاجية وكأنه طبيب (عندك كذا خذ كذا) ومن ثم يبيع وصفاته. او يعطي المريض دواء مشابهاً للدواء الذي وصفه الطبيب من دون ان يكلف نفسه عناء الاتصال على الطبيب للاستشارة في تغيير الدواء للمريض او إعطائه دواءً بديلاً او افهام المريض بالعودة إلى الطبيب للسؤال عن تغيير الدواء لعدم توافره في الصيدليات. ختاماً نصيحتنا لجميع اولياء الامور القيام بمسؤولياتهم من خلال اتباع النصائح الآتية: - عدم استخدام اي أدوية سواء كانت أدوية كيميائية او مضادات حيوية او خلطات شعبية او غيرها، أدوية سائلة (سكرية او غير سكرية) حبوب او كبسولات او غيرها من دون استشارة ووصفة الطبيب المعالج. - التأكد من تاريخ صلاحية الدواء على غلاف العلبة وعلى العبوة الداخلية وايضا قراءة النشرة المرفقة للدواء للتثقيف عن محتوى الدواء ومفعوله وأثاره الجانبية. - سؤال الطبيب عن شروط حفظ تلك الأدوية في الثلاجة او في جو عادي او أي شروط أخرى من الحرارة والرطوبة. - وسؤال الطبيب ايضاً هل تتم المحافظة على الدواء في علبته الاصلية المغلفة أم يتم استخدام جزء منه؟ وما الذي يجب فعله بالدواء بعد الانتهاء من فترة العلاج؟ أيوضع في الثلاجة أم يتم التخلص منه. * باحث وكاتب اجتماعي - مكة المكرمة