خلافا لتوقعات المراقبين وتكهنات الأوساط الإعلامية والحزبية، خيب أمس الأول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة آمال الذين راهنوا على تاريخ 8أبريل (نيسان)، ذكرى افتكاك بوتفليقة لولايته الرئاسية الثانية العام 2004، لإعلان رجل قصر المرادية ترشحه رسميا لكرسي الرئاسة وهو يدشن آخر سنة من عهدته الثانية ولم يعد يفصله عن الاستحاقات القادمة المزمعة خريف 2009سوى سنة واحدة لا أكثر. وضبطت الثلاثاء جل الصحف الجزائرية الحكومية منها والخاصة عقارب صفحاتها على تاريخ 8أبريل، وراح كل عنوان يرصد بالتقييم ما حققه الرئيس الجزائري خلال عهدته الثانية وهي تدرك آخر سنة لها (2009/2004) دون أن يحسم أي عنوان إن كانت الإنجازات التي حققها بوتفليقة في مجال السلم والمصالحة ودعم النمو والانعاش الاقتصادي والرجوع بالبلاد دبلوماسيا إلى رحاب المنابر العالمية ستدفعه إلى الاستجابة إلى الأصوات الكثيرة التي دعته إلى تعديل الدستور والترشح لعهدة ثالثة ووضع حد لصمته الذي طال تجاه مسألة ترشحه من عدمها مثلما عبّرت عنه فعاليات المجتمع المدني وشركاؤه السياسيون وأعضاء الأسرة الثورية والنقابات العمالية. ويبقي الرئيس بوتفليقة منذ أعلن صيف العام 2005، أمام إطارات وقيادات المؤسسة العسكرية، رغبته في تعديل الدستور الذي لا يسمح بغير عهدتين رئاسيتين اثنتين تمتد إلى خمس سنوات غير قابلة للتجديد، على ما يشبه حالة الضبابية التي باتت تلف موضوع ترشحه أم لا لعهدة رئاسية ثالثة (2012/2009).وبدأت تحاليل بعض الأوساط الإعلامية تتساءل ما إذا كان تأخر بوتفليقة في الإعلان الرسمي والصريح عن رغبته في الترشح لعهدة ثالثة لها علاقة بأجنحة في أعلى دوائر القرار لم تحسم بعد في رجل المرحلة المقبلة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية التي عودت الجزائريين منذ الاستقلال العام 1962على قول كلمتها "الفيصل" في "نزلاء" قصر المرادية، وهذا على خلفية ممارسة بوتفليقة ما يمكن اعتباره "سياسة الهروب" من كل الأسئلة التي تتناول سر إحجامه عن إعلان ترشحه رغم التزكية الشعبية الواسعة التي يحظى بها، ولم يجد في آخر حديث أجرته معه وكالة "رويترز" البريطانية بشأن نفس المسألة سوى قوله أنه يسعى في الوقت الراهن من أجل "إنهاء العهدة الثالثة على أكمل وجه مع أمل بلوغ كافة الأهداف التي حددتها والتي تضمنها برناماجي الانتخابي" قبل ترحيبه بأصوات مدعميه معتبرا إياها "دليلاً على النضج السياسي". وكانت أوساط إعلامية قريبة من دوائر القرار، رددت في الآونة الأخيرة بناء على معلومات من مصادر مطلعة وصفتها ب "الأكيدة" أن الرئيس الجزائري عدل عن فكرة ترشحه لولاية ثالثة لكنه مصرّ على تعديل الدستور الحالي الخامس في تاريخ البلاد، ليس فقط في مادته ال 74التي تتعلق بعدد الفترات الرئاسية وإنما بكل المواد التي تتصل ببنية نظام الحكم الذي يتراوح حاليا ما بين النظامين الرئاسي والبرلماني.