اعتبر الدكتور محمد عبيدات رئيس مجلس الاتحاد العربي للمستهلك ورئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك في الأردن أن خطوة المملكة بإقرار جمعية حماية المستهلك السعودية مؤخرا هي خطوة مباركة وجيدة في حماية المستهلك السعودي متمنيا أن تحذو بقية الدول العربية التي لم تقر هذه الجمعية حذو المملكة. وأضاف الدكتور عبيدات في حديث للرياض أن المستهلك السعودي في حاجة ماسة لحمايته وتوعويته في كل منطقة من مناطق المملكة فهي دولة كبيرة يواجه فيها المستهلك العديد من المشاكل الاستهلاكية التي يحتاج فيها إلى التوعية والإرشاد المنظم للتغلب على العديد من المشاكل التي يواجهها كتواجد السلع المقلدة والمغشوشة وضمان توفر السلع الجيدة له، ولا يتسنى ذلك إلا من خلال جهة مؤهلة تماما لذلك. وحول مستقبل المستهلك العربي ومستقبل جمعيات حماية المستهلك العربية كان هذا الحوار: @ "الرياض": ما هو تقييمكم لأداء وفعالية الاتحاد العربي للمستهلك بعد عشر سنوات من تأسيسه. - د. محمد عبيدات: إن الاتحاد العربي للمستهلك يعد ناشئاً جديداً فعشر سنوات ليست عمراً طويلاً نسبياً، ويضم حوالي 12دولة عربية وقوة الاتحاد يستمدها من قوة جمعيات حماية المستهلك المنضمة اليه وللاسف معظم جمعيات حماية المستهلك في مختلف الدول العربية ضعيفة نسبيا وبالتالي تقيد انشطته وتقلل من فعاليتها، لكننا نحرص سنويا على عقد الملتقى العربي الذي يضم الأعضاء من منظمات وجمعيات حماية المستهلك العربي في العاصمة الاردنية عمان وفي بعض العواصم العربية لمناقشة أحوال المستهلك ومشاكله في كل دولة عربية، كما ان هناك تنسيقاً دائماً بين الامانة العامة للاتحاد وجميع جمعيات حماية المستهلك بالبلدان العربية حيث نحاول امدادهم وتدعيمهم بالبيانات والتقارير اللازمة، ونأمل ان تنضم الينا جميع جمعيات المستهلك القوية لتثري الاتحاد العربي وتقوي شوكته. @ "الرياض": هل يعتبر انتشار جمعيات حماية المستهلك عربيا خطوة محمودة آثارها في حماية المستهلك العربي؟ - د. محمد عبيدات: للأسف هناك العديد من الجمعيات التي تطلق على نفسها لقب جمعية حماية المستهلك وتضم أحيانا أناسا غير مؤمنين بهذه القضية على الأقل او لديهم الخبرة الكافية عنها ولا يتعدى دور هذه الجمعيات سوى واجهة او صورة تتواجد بصفة مستمرة في الأوساط الاعلامية لكن ليس لها اي دور فعال يذكر في مجال حماية المستهلك، لذلك لا يجب أن يعطى تراخيص باقامة جمعيات لكل شخص لا يمتلك الخبرة الكافية والإيمان بالفكرة وتنقصه الموارد البشرية والتمويل فعدم وجود مثل هذه العوامل الاساسية يتنافى مع نجاح الجمعية وتأديتها دورها. كذلك ارفض تماما أن يؤسس أو يشارك في جمعيات حماية المستهلك أصحاب النفوذ والمصالح من التجار والصناع والمستثمرين وغيرهم حتى لا تتخلى هذه الجمعيات عن تأديتها الوظائف التي شكلت من اجلها وأهدافها الرئيسية. @ "الرياض": ما هي ابرز المشاكل التي تعيق من تطور حماية المستهلك العربي؟ - د. محمد عبيدات: مشكلتنا الاساسية التي نعاني منها هي مشكلة ضعف الموارد وجميع جمعيات حماية المستهلك العربية جمعيات اهلية تحاول قدر طاقتها خدمة المستهلك لكنها لا تلبث ان تموت سريعا وينتهي دورها وغالبا ما تجهض خطاها بسبب او بآخر وذلك لعدم تقديم الدعم المادي الكافي لها من قبل الحكومات العربية التي تحرص على توطيد علاقتها بالتجار واصحاب الاعمال تاركة المستهلك يقع في شراك هؤلاء وتترك ايضا هذه الجمعيات قائمة على الجهود الذاتية والتبرعات وغيرها من الموارد المالية غير الثابتة، وحتى يكون الاتحاد العربي للمستهلك على مستوى المسؤولية الملقاة عليه يجب وضع ميزانية ضخمة لاجراء دراسات تهتم ببحث المجتمعات العربية اجتماعيا واقتصاديا واعلاميا حتى يمكننا تعيين الانماط الاستهلاكية المناسبة لكل دولة وبالتالي وضع الخطط الارشادية الملائمة، لذلك اوجه دعوة للدول العربية لتدعيم جهودنا فهي قادرة على تولي عبء هذه المسؤولية التي نعجز عنها نحن بمواردنا القليلة. @ "الرياض": هل تعد التشريعات والقوانين العربية لحماية المستهلك كفيلة بحمايته ام تحمل بعض القصور؟ - د. محمد عبيدات: التشريعات والقوانين العربية كفيلة بحماية المستهلك العربي لكن المشكلة تتمثل في عدم وجود القناعات الحكومية في غالب البلدان العربية بتفعيلها بالشكل المرغوب، فالمشكلة ليست في التشريع لكنها تتلخص في اشكالية التنفيذ، هناك نقطة اخرى فيما يتعلق بالتشريعات والقوانين وهي عدم التشديد على العقوبات وتنفيذها بشكل رادع فالعقوبة تكون بالغرامة او بالحبس او بالاثنين معا ودائما لا تكون رادعة بالشكل الكافي لعدم تكرارها مرة اخرى، ولعل التجربة الاردنية في هذا الاطار مثالا يحتذى به فالعلاقة بين جمعية حماية المستهلك الاردنية والحكومة علاقة تعاون مثمر وتشاور مستمر بيننا وبين الوزارات المختصة وكثيرا ما نقدم اقتراحات ومطالب يؤخذ باغلبيتها. @ "الرياض": هل يعتبر المستهلك الاردني افضل حالا من نظيره العربي؟ - د. محمد عبيدات: هذه حقيقة، فمفهوم حماية المستهلك مفهوم متداول في الشارع الأردني وكذا الاعلام منذ 1989وهو عام تأسيس جمعية حماية المستهلك الاردنية، وتجربتنا خلال هذه الفترة ملموسة حيث استطعنا تغيير العديد من سلوكيات المستهلك الأردني السلبية كما وفقنا في خلق قناعة لديه بمدى اهمية فكرة حماية المستهلك لانها تعني اولا واخيرا به وبمصالحه. @ "الرياض": قلتم إن ارتفاع الأسعار الأخيرة التي اجتاحت الدول العربية ليس سببه دائما ارتفاع الاسعار في بلد المنشأ كيف يكون ذلك؟ - د. محمد عبيدات: مبررات ارتفاع الأسعار كثيرا ما تكون باطلة والبيانات اكبر دليل على ذلك فعند متابعتي لاسعار سلعة السكر المرتفعة يوما تلو الآخر على مدى أربعة أشهر وجدت أن سعرها العالمي في انخفاض وهو امر يمكن توثيقة بالبيانات الرسمية. @ "الرياض": كيف ترى وعي المستهلك العربي بحقوقه؟ - د. محمد عبيدات: المستهلك العربي يقع عليه اكثر من 50الى 60% من المشاكل الاستهلاكية التي يقع فيها ويتعرض لها، فهو مسؤول بشكل مباشر أو غير مباشر عن ما يتعرض له من غش تجاري وسلع مقلدة وخسارة مادية لانه سلبي اعتاد على الاعتماد على الحكومة والاتكالية على اجهزة الدولة، كما انه لا يطالب بحقوقه ويصر على اخذها كالمستهلك الاجنبي وكثيرا ما يكون على دراية ووعي بشرائه للسلع المقلدة والمغشوشة رغبة منه في شراء الارخص سعرا، والوضع العالمي الان لا يحتمل هذا فالمستهلك مجبر على البحث عن حقوقه حتى يحصل عليها ولابد ان يتفهم انه كما يريد حقوقه فهو الآخر عليه واجبات تجاه المجتمع ككل ومنها عدم السكوت على الخطأ كما اعتاد من قبل لذلك ينبغي التوضيح بان المستهلك العربي ينقصه الوعي الكافي لتطوير وتغيير العديد من سلوكياته الخاطئة التي لا تتماشى مع وقتنا الحالي. @ "الرياض": ماذا تتوقعون للاتحاد العربي في ظل انتباه ووعي الدول العربية بزهمية حماية المستهلك؟ وما هي نصيحتكم لجمعيات حماية المستهلك العربية؟ - د. محمد عبيدات: عندما تهتم الدول العربية الكبرى بهذا المجال وتصر عليه تشريعيا وتنفيذيا بالتأكيد سيتأثر الاتحاد ويقوى بهذه الطفرة العربية واعلن اننا في الاتحاد على استعداد تام لتقديم الخبرات والاقتراحات لكل جهة جادة تنوي التأثير الجيد في هذا المجال بفاعلية وقوة. ونصيحتي لجمعيات حماية المستهلك العربية بانها يجب ان تراعي المسؤولية الجسيمة التي وضعت على عاتقها لذلك يجب ان تضع اجندة لاولوياتها للتخفيف على المستهلك لانه من الصعوبة التعامل مع جميع القضايا بنفس الاهمية وفي نفس الوقت. @"الرياض": ما هي استراتيجيتكم في حل مشاكل المستهلك الأردني؟ - د. محمد عبيدات: الحصول على حقوق المستهلك ورد اعتباره هو اساس عملنا عند تلقي اي شكوى، فنحاول في البداية حلها بالطرق الودية عن طريق لجنة تسوية المنازعات لدى الجمعية او نلجأ للوزارات او الجهات المختصة بنوع الشكوى واخيرا اللجوء للقضاء والدعاوى القضائية، ولنا في جمعية حماية المستهلك الاردنية تجارب عن رفع دعاوى قضائية على الحكومة في قضايا تخص المستهلك كقضايا تلوث المياه والقمح لكنها سويت وديا هي الاخرى. كما اننا نؤمن بان وسيلة الضغط من افضل الوسائل لحل المشكلات التي تخص المستهلك ويتمثل هذا الضغط في المقاطعة فعلى سبيل المثال حملة مقاطعة الألبان لارتفاع أسعارها التي قمنا بها اواخر العام الماضي حققت استجابة واسعة النطاق فهناك 60ألف اسرة قاطعت الألبان وبدأت إنتاج منتجات الألبان منزليا واكثر من 100الف اسرة اخرى لجأت لشراء الالبان ومنتجاتها من المعامل الصغيرة حتى اننا هددنا بالاستيراد من سوريا وجميعها تعد وسائل ضغط، كذلك حاولنا ثني ربات البيوت عن شراء الحلويات الجاهزة لارتفاع اسعارها وتصنيعها منزليا. @ "الرياض": ما هو الدور الذي يجب على جمعيات حماية المستهلك العربية الالتزام به؟ - د. محمد عبيدات: يجب الإشارة الى ان دورنا في جمعيات ومنظمات حماية المستهلك دور توعوي ارشادي وليس سلطوياً تنفيذياً فجميعنا نمثل المستهلك في المجالس واللجان امام الحكومة ودورنا هو معرفة ما يعاني منه المستهلك عبر الشكاوى التي ترد الينا ومحاولة حلها مع الجهات المختصة والحصول على حقه. @ "الرياض": ماذا عن تفعيل الدور الاعلامي في حماية المستهلك عربيا وهل يقوم الاعلام بدوره في ذلك؟ -د. محمد عبيدات: المستهلك العربي يعاني من عدم الوعي الكافي بما له وما عليه كما اشرنا والاعلام وسيلة هامة لحماية المستهلك بما يقدمه من خلال وسائله المختلفة من برامج وتوعية مختلفة هدفها تعديل السلوك الاستهلاكي السيئ وارشاده بما يجب ان يتجنبه من سلع ومنتجات مغشوشة او مقلدة قد تضر به وبالتالي نحتاج لكافة الوسائل الاعلامية في هذا الصدد، ولذلك نحاول دائما من خلال الاتحاد تقديم الندوات وعقد المؤتمرات وورش العمل وتسخير وسائل الاعلام المختلفة كالصحف وبرامج التلفاز والراديو والانترنت وكذا الملصقات للوصول الى المستهلك والقيام بدورنا المنوطين به كما اننا نقوم بعقد لقاءات دورية مع الاتحادات النسائية للوصول الى ربات البيوت. @ "الرياض": في رأيكم هل خبراتنا العربية كافية في مجال حماية المستهلك؟ - د. محمد عبيدات: الخبرات العربية كافية وكفيلة تماما بتقديم الدور الارشادي والتوعوي للمواطن والحصول على حقوقه المختلفة ولسنا محتاجين الى اي خبرات اجنبية في هذا المجال، لكن لا مانع من تبادل الخبرات مع الجمعيات الاجنبية على الرغم من ان مشاكل المستهلك العربي تختلف تماما عن مشاكل المستهلك في الدول الاجنبية.