كان الأسبوع الماضي حافلاً بالفعل وردود الفعل بين الولاياتالمتحدة وبعض الدول، وذلك بشأن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول فرض رسوم جمركية جديدة تسببت في اتخاذ الدول المعنية بهذه القرارات تدابير مضادة، إذ من الواضح أن ترمب يرى في هذه الرسوم وسيلة يحقق من خلالها هدفه في تقليل العجز التجاري واستعادة الهيمنة الاقتصادية. لم تكن الصين بحاجة إلى وقت كثير للرد، حيث فرضت تعريفات جمركية مضادة، كذلك الاتحاد الأوروبي لم يقف متفرجاً، حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن أوروبا لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها الاقتصادية، مشددة على أن فرض أي رسوم تعسفية سيقابل برد حازم. بريطانيا، رغم تحالفها الوثيق مع واشنطن، تحاول تجنب الانزلاق إلى ذلك وظهر واضحاً من خلال التصريحات الصادرة من لندن التي عكست رغبتها في المحافظة على العلاقات التجارية مع الولاياتالمتحدة من دون الدخول في صراع مفتوح وعلى ما يبدو أن الحكومة البريطانية تدرك أن أي تصعيد قد يؤدي إلى اضطراب في اقتصادها الذي يعاني بالفعل من تحديات ما بعد البريكست. التحركات الأميركية لا تقتصر على الصين وأوروبا فقط، فحتى كندا والمكسيك وجدتا نفسيهما تحت ضغط غير مسبوق في حين نجحت واشنطن في دفع حكومتي البلدين إلى تقديم تنازلات مقابل تعليق الرسوم الجمركية مؤقتاً، ما يعكس استراتيجية الضغط الأقصى التي يعتمدها ترمب، إلا أن هذه التنازلات قد تكون مجرد تهدئة قصيرة الأمد قبل أن تعود الأمور إلى التصعيد مجدداً. لكن السؤال هل تحقق هذه السياسات ما يطمح إليه ترمب؟ الإجابة من وجهة نظري ليست بهذه البساطة، صحيح أن الرسوم الجمركية قد تخلق فرصاً لصناعة محلية معينة، لكنها في الوقت نفسه ربما ترفع الأسعار على المستهلك الأميركي وتزيد من تكاليف الأعمال، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع التضخم وإبطاء النمو الاقتصادي، كما أن الدول المتضررة لن تقف مكتوفة الأيدي، وستبحث عن بدائل للسلع الأميركية، مما قد يُضعف القدرة التنافسية للصادرات الأميركية على المدى الطويل. ما يعنينا من ذلك هو مراقبة الأسواق العالمية بحذر، إذ إن هذه التجاذبات قد تسهم في إعادة تشكيل العلاقات التجارية بين الدول، مما يفتح المجال لفرص جديدة وتحديات في الوقت ذاته، وهو ما يستدعي مرونة في التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.