قبل عام بالتمام والكمال، وتحديداً في ديسمبر 2023، أعلنت شركة "حرف السعودية" التابعة لهيئة التراث، انطلاق أعمالها رسميًا في المملكة، بهدف تعزيز قطاع الحرف اليدوية، حيث من المتوقع أن ينمو حجم السوق الحرفي في المملكة إلى 5 مليارات ريال (1.33 مليار دولار) بحلول عام 2028، ومن أجل تحقيق هذا الهدف الطموح تسعى "حرف السعودية" إلى الانتقال بالقطاع من المحلية إلى العالمية، وتستهدف خلق 9 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، حيث تشكل سوق الحرف اليدوية مصدر رزق لكثير من الحرفيين السعوديين الذين يبدعون في تقديم منتجات فريدة تجذب السياح القادمين إلى المملكة، ويبلغ حجم السجل الوطني للحرفيين في السعودية 8.644 حرفياً. نمو القطاع بمعدل سنوي 4.9 % عالمياً، بلغ حجم سوق الحرف اليدوية العالمية حوالي 740 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بمعدل سنوي مركب 4.9 % حتى عام 2030، وهذا يعني أن إيرادات الصناعة مرشحة للوصول إلى 773.8 مليار دولار في عام 2025، ونحو 983 مليار دولار في عام 2030، مدفوعة بالطلب المتزايد على المنتجات الفريدة المصنوعة يدوياً، حيث يقدر المستهلكون بشكل متزايد الحرف اليدوية والسلع الصديقة للبيئة على المنتجات المنتجة بكميات كبيرة، فيما أدت الشعبية المتزايدة للبيع عبر الإنترنت إلى توسيع نطاق وصول الحرفيين إلى الأسواق العالمية، بالإضافة إلى ذلك، شجع التركيز على الممارسات المستدامة والالتزام الأخلاقي للمستهلكين، والعدد المتزايد من الأحداث الثقافية والمهرجانات، على نمو مبيعات السلع المصنوعة يدويًا. تشمل العوامل الرئيسية الدافعة لنمو السوق، تفضيل المستهلكين للمنتجات الصديقة للبيئة والمستدامة والمصنوعة يدويًا، خاصة في ظل استمرار المخاوف البيئية المؤثرة على تنامي سلوك الشراء للمواد الطبيعية، ويتماشى هذا الاتجاه مع طبيعة الحرف اليدوية، التي تستخدم موارد محلية متجددة ولها بصمة كربونية أقل، من جهة أخرى، أدى توسع التجارة الإلكترونية إلى سهولة وصول الحرفيين إلى جمهور أوسع في الأسواق العالمية، مما عزز المبيعات عبر الإنترنت، وهو اتجاه سيستمر خلال السنوات المقبلة. الطباعة ثلاثية الأبعاد تساهم التطورات التكنولوجية، مثل دمج الطباعة ثلاثية الأبعاد والأدوات الرقمية، في تشكيل مستقبل القطاع، حيث تمكن هذه الابتكارات الحرفيين من إنشاء تصميمات معقدة، وتعزيز قدراتهم الإبداعية، والابتكار مع الحفاظ على أصالة الحرف التقليدية، وهذا يعني أن دمج التكنولوجيا مع إنتاج الحرف اليدوية يفتح الباب أمام إمكانيات جديدة للإبداع والكفاءة، ومن المتوقع أن تلعب الأسواق الناشئة، في آسيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، دوراً حيوياً في نمو قطاع الحرف اليدوية. وتمثل دول مثل السعودية ومصر والهند وتايلاند وفيتنام، بتراثها الثقافي الغني ونمو أعداد سكانها من الطبقة المتوسطة، فرصاً كبيرة للتوسع، وعلاوة على ذلك، يعمل صعود السياحة المستدامة على تغذية الطلب على الحرف اليدوية الأصيلة المصنوعة محلياً، مما يساهم في إمكانات النمو العالمية لهذا القطاع الواعد، فيما تلعب العلامات التجارية الوطنية للحرف اليدوية دورًا رئيسيًا في نمو السوق من خلال تمكين الحرفيين المحليين وتعزيز الجاذبية العالمية للحرف اليدوية، ويتماشى هذا الجهد مع الاتجاه الأوسع المتمثل في زيادة الاعتراف والطلب على الحرف اليدوية الفريدة وعالية الجودة، وهي شريحة متنامية داخل السوق العالمية، ومع تركيز الحكومات، على تحسين ظروف التجارة وبيئة الاستثمار تتوسع صناعة الحرف اليدوية بشكل ملحوظ. تصدر قطاع الأعمال الخشبية السوق بأكبر حصة إيرادات بلغت 26.7 ٪ في عام 2024، ويعكس هذا الأداء القوي الجاذبية الدائمة للعناصر الزخرفية والأثاث والأواني الخشبية، والتي تجمع بين الجاذبية الجمالية والوظيفية، في الوقت نفسه، ينجذب العديد من المستهلكين إلى الحرف اليدوية الخشبية بسبب استدامتها ومتانتها وجودتها الحرفية، وتقود أسواق مثل الولاياتالمتحدة وأوروبا والهند نمو الطلب، حيث يتم البحث عن الحرف الخشبية الهندية بشكل خاص لتفاصيلها المعقدة وتقنياتها التقليدية، بالإضافة إلى ذلك، ساهم التحول المتزايد للمستهلكين نحو المنتجات الصديقة للبيئة في صعود الحرف اليدوية الخشبية، حيث غالبًا ما تكون مصنوعة من الخشب المتجدد أو المعاد تدويره، مما يعزز جاذبيتها للمشترين المهتمين بالبيئة. الأواني الزجاجية من المتوقع أن ينمو قطاع الأواني الزجاجية بأسرع معدل نمو سنوي مركب بنسبة 7.5 % حتى عام 2030، ويعود هذا الارتفاع إلى الطلب المتزايد على منتجات الزجاج الحرفية، بما في ذلك العناصر الزخرفية وأدوات المائدة والديكور المنزلي، وخاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية، وتجذب الشعبية المتزايدة لمنتجات الزجاج المصنوعة يدويًا، والمعروفة بتصميماتها الفريدة وحرفيتها، المشترين المتميزين الذين يقدرون العناصر الفريدة، ومن الأمثلة البارزة على ذلك زجاج مورانو في إيطاليا، والذي يظل رمزًا للفخامة والتميز الحرفي على مستوى العالم، كما يلعب الاتجاه المتزايد للتصميم الداخلي البسيط والأنيق دورًا في دفع الطلب على الأواني الزجاجية، حيث يكمل جماليات المنزل الحديث مع الاحتفاظ بلمسة يدوية وحرفية. يقود قطاع تجار التجزئة التقليدي، السوق بأكبر حصة إيرادات بنسبة 39 ٪ في عام 2024، مما يعكس إمكانية الوصول المتزايدة والجاذبية السائدة للسلع المصنوعة يدويًا، وقد تبنت سلاسل التجزئة الكبيرة مثل وول مارت الأميركية، وتارجت الأميركية، وإيكيا السويدية، الحرف اليدوية، حيث تقدم مجموعات مختارة تجمع بين الحرفية اليدوية والتوزيع في السوق الشامل، ويسمح هذا الاتجاه للمستهلكين بالوصول إلى عناصر فريدة مصنوعة يدويًا بعيداً عن الأسعار المرتفعة المرتبطة غالبًا بالبوتيكات التي تعرض علامات تجارية شهيرة، أو الشراء مباشرة من الفنان الحرفي، من جهة أخرى، يستغل تجار التجزئة الكبار الطلب الموسمي، وخاصة خلال فترة العطلات عندما يكون الطلب مرتفعًا على الهدايا والديكورات المنزلية، وعلى سبيل المثال، تؤدي جاذبية المنتجات الحرفية المتوافقة مع اهتمام المستهلك بالسلع الصديقة للبيئة والمصنوعة بطريقة أخلاقية إلى زيادة مبيعات تجار التجزئة. من المرجح أن ينمو قطاع المتاجر عبر الإنترنت بأسرع معدل سنوي مركب بنسبة 6.1 % حتى عام 2030، مدفوعًا بالتحول المتزايد نحو منصات التجارة الإلكترونية لبيع الحرف اليدوية المتخصصة والمُنتجة بكميات كبيرة، وقد وسعت منصات شهيرة مثل أمازون الأميركية، وعلي بابا الصينية، من النطاق العالمي للحرفيين، مما يسمح لهم بالبيع مباشرة للمستهلكين في جميع أنحاء العالم. ويتعزز هذا النمو من خلال صعود منصات التواصل الاجتماعي، مثل الفيسبوك، وإكس، والإنستغرام، والسناب شات، وبنترست، حيث يمكن للحرفيين عرض أعمالهم والتواصل بشكل مباشر مع المشترين المحتملين، وقد أدى الارتفاع الكبير في التجارة الإلكترونية الناجم عن الوباء إلى تسريع هذا الاتجاه، حيث لجأ العديد من المستهلكين إلى التسوق عبر الإنترنت للحصول على ديكورات منزلية فريدة ومخصصة وإكسسوارات أزياء وهدايا، كما مكن نمو التجارة الإلكترونية الحرفيين في الدول النامية، مثل الهند، وجنوب شرق آسيا، وأفريقيا، من الاستفادة من طفرة الطلب الدولي على الحرف اليدوية. من المتوقع أن ينمو سوق الحرف اليدوية في أمريكا الشمالية بأسرع معدل سنوي مركب، مدفوعًا باهتمام المستهلكين المتزايد بالمنتجات المستدامة والمصنوعة محليًا، وتأتي الولاياتالمتحدة وكندا في طليعة هذا النمو، مع ارتفاع الطلب على ديكورات المنزل الحرفية والإكسسوارات والأثاث المصنوع يدويًا، وقد أدى الوعي المتزايد بالمصادر الأخلاقية وأنماط الشراء الواعية بيئيًا إلى تغذية هذا القطاع بشكل أكبر، ومن المرجح أن ينمو سوق الحرف اليدوية في الولاياتالمتحدة بأسرع معدل نمو سنوي مركب بنسبة 3.7 % حتى عام 2030، ويدعم هذا النمو اهتمام المستهلكين المتزايد بثقافة "اصنعها بنفسك" والاستدامة والمنتجات المخصصة، وينجذب المستهلكون من جيل الألفية بشكل خاص إلى السلع الحرفية التي تقدم تصميمات وحرفية فريدة من نوعها، مما يضع الحرف اليدوية كخيار عصري وصديق للبيئة. سيطر تسوق الحرف اليدوية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على الصناعة العالمية بأكبر حصة إيرادات بلغت 34.8 ٪ في عام 2024، وتعتبر الهند الأولى في هذه المنطقة، حيث لعبت المبادرات التي أطلقتها الحكومة الهندية دورًا فعالاً في تعزيز نمو السوق والتغلب على التحديات التي يواجهها الحرفيون، مثل تطوير البنية التحتية وربط الحرفيين بمجموعات المساعدة الذاتية والجمعيات التعاونية، وقد مكنت هذه المبادرات الحرفيين من توسيع نطاق الإنتاج وتحسين الثقافة المالية وتأمين المواد الخام الأساسية بكفاءة أكبر، مما يضع الهند كلاعب مهم في صناعة الحرف اليدوية العالمية. أما في أوروبا، فقد بلغت حصة سوق الحرف اليدوية 25 % من الإيرادات العالمية في عام 2024، مدفوعة بتقاليد عريقة من الحرف اليدوية وتقدير للتراث الحرفي، ولطالما اشتهرت دول مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا بمنتجاتها المصنوعة يدويًا، والتي تمتد من المنسوجات والسيراميك إلى المجوهرات والأثاث، ويتعزز السوق بالطلب القوي على الحرف التقليدية والسلع الفاخرة المصنوعة يدويًا، حيث يُظهر المستهلكون تفضيلًا متزايدًا للمنتجات التي لا تتميز بالجمال فحسب، وإنما أيضًا المصنوعة بشكل مستدام.