لم يكن النجاح الكبير الذي حققته المملكة باستضافة معرض إكسبو 2030 وليد الصدفة، بل كان نتيجة عمل وجهد لسنوات منذ ان استضافته دبي في 2020. فمع إطلاق المملكة في 25 ابريل 2016 رؤية 2030 بدأت المملكة في وضع أسس قوية للسير في طريق النجاح في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورغم التحديات التي واجهتها محليا وعالميا، إلا أنها واجهت هذه التحديات وتغلبت عليها، عرفت نقاط القوة التي تتمتع بها وبنت عليها لتصبح قوة لا يستهان بها، حيث قامت بتنفيذ إصلاحات غير مسبوقة في جميع المجالات كافة. ومنذ إطلاق الرؤية، أصبحت هذه الرؤية المنارة التي تهتدي بها خطوات المملكة نحو المستقبل والقلب النابض لطموحها الهادف إلى تحقيق التحول الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ولتكون أنموذجا ناجحا ورائدا على الأصعدة كافة في العالم أجمع. ولعل أهم ما يميز هذه الرؤية هو أنها حلم كبير قابل للاستدامة، فكان معرض إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034، هذان الحدثان الأبرز في العالم أجمع. وإذا كان معرض إكسبو 2030 يأتي تتويجا لرؤية 2030، فإن فوز المملكة باستضافة المعرض هو ترسيخ لدورها الريادي والمحوري في المنطقة إقليميا وعالميا. ونظرة إلى الفوز المستحق الذي حققته المملكة في التصويت في الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض في باريس يؤكد هذا الدور، فالثقة التي حازتها في التصويت ومن أول جولة، حيث حصلت على 119 صوتا من أصل 182 صوتا وبنسبة تزيد على 65٪ في مواجهة دولتين هما كوريا الجنوبية التي حصلت على 29 صوتا وإيطاليا التي حصلت 17 صوتا. هذه الثقة الكبيرة التي حازتها لم تأتي من فراغ ولكن كانت نتيجة عمل وجهد وفي ظل رؤية 2030 الثاقبة التي جعلت من المملكة وجهة مثالية لاستضافة أبرز المحافل الدولية. ومن المهم أن نعرف ان تنظيم المملكة لمعرض إكسبو 2030 يأتي بعد دورة المعرض التي يستضيفها كوكب اليابان في مدينة أوساكا في 2025 مما يلقي عبئا كبيرا وثقيلا على المملكة في تنظيم المعرض في 2030 فالمقارنة ستكون ماثلة أمام الجميع بين ما ستقدمه اليابان في دورتها وما ستقدمه الرياض في دورتها، الذي يزوره عشرات الملايين وتشارك به آلاف الشركات من جميع دول العالم. حيث أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء أن الرياض جاهزة لاحتضان العالم في إكسبو 2030، وأن المملكة مستعدة تماما للوفاء بما تضمنه الملف من التزامات للدول المشاركة لتحقيق الموضوع الرئيسي للمعرض الذي يحمل عنوان دفعة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حقبة التغيير: معا نستشرف المستقبل، ويتضمن الشمولية والاستدامة والابتكار. وشدد سمو ولي العهد على أن المملكة سوف تسخر إمكاناتها كافة لنجاح هذه الدورة، وأنها ستقدم حزمة تسهيلات بأكثر من 543 مليون دولار لمساعدة مائة دولة على المشاركة وتقديم الدعم الخاص لها لضمان مشاركة فاعلة وعادلة للجميع. المعرض الذي يتوقع ان يزوره أكثر من 40 مليون شخص وتشارك فيه أكثر من 146 دولة إضافة إلى أكثر من مليار زائر افتراضي يؤكد بشهادة العالم أجمع أن المملكة قادرة على استضافة أبرز وأكبر الأحداث العالمية، كما يؤكد قدرة المملكة على تنظيم واستضافة كأس العالم لكرة القدم 2034. وإذا كانت السعودية هي ثاني دولة عربية تستضيف المعرض بعد دولة الامارات العربية فإن هذا يضع على عاتقها مسئولية كبيرة لأنها تعتبر الممثل العربي الأول حيث أن دورة دبي 2020 عقدت في فترة حرجة إبان فترة انتشار كورونا، خاصة ان المقارنة لن تكون مع دبي ولكن مع اليابان التي يصفها كل من سافر إليها بأنها كوكب. إن استضافة معرض إكسبو 2030 تتجاوز تأثيراته كل ما هو متعلق بالحصول على عوائد اقتصادية حيث أنه يمثل تحولا كبيرا في البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والإعلامية للمملكة حيث سيتواجد في المعرض إعلاميون من 179 دولة ينقلون الصورة الحقيقية لما وصلت إليه المملكة من تقدم وازدهار بعيدا عن الأقلام المغرضة والحاقدة. ختاماً حق لكل سعودي وعربي أن يفخر بما تشهده المملكة من إنجازات ونجاحات في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظة الله وولي عهدة الأمين في مختلف الظروف والتحديات.