في وقت مبكر من تأسيس المملكة، حباها الله بخيرات وفيرة، جعلتها وأهلها في خير دائم ورفاهية لا تنقطع، ولأن البلاد تأسست على مبادئ إنسانية قوية، تحث على التكافل الاجتماعي ونجدة الملهوف وعون المستغيث، استشعر قادتها عهداً بعد آخر دورها الأساسي في الوقوف بجانب الدول الشقيقة والصديقة، ومساندة العالم في أزماته ومحنه. وتحت هذا النهج، قدمت المملكة شتّى صور المساعدات لمن يحتاجها حول العالم، في مواقف تعكس إنسانية المملكة وريادة دورها كدولة محورية كبرى في المنطقة والعالم، تعطي بسخاء مستمر، لا ينضب خيرها أبداً، وهو الأمر الذي جعل منها اليوم أكبر دولة مانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية على المستويين العربي والإسلامي خلال العام الجاري (2021)، ليس هذا فحسب، إنما تعتبر من أكبر ثلاث دول مانحة على المستوى الدولي. ورغم أي ظروف، تتعهد المملكة بتمسكها بهذا النهج، ولا تحيد عنه.. وهذا ما أكده على الملأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما قال - يحفظه الله -: إنه رغم الصعوبات الاقتصادية، فإن المملكة مستمرة في الالتزام بدورها الإنساني والتنموي الكبير، في إشارة إلى ما يعانيه الاقتصاد الدولي للعام الثاني على التوالي من صعوبات جراء جائحة كورونا وتذبذب أسعار النفط. مواقف المملكة الإنسانية تجاه دول العالم كثيرة ومعروفة وقديمة، لكنها اليوم تتبلور في عمل مؤسسي مستدام، يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة، الذي يعمل وفق خطط وبرامج متطورة، تستهدف توجيه المساعدات الإنسانية والتنموية إلى مستحقيها حول العالم من دون تمييز على أساس لون أو دين أو عرق. لدى المملكة اليوم سجل حافل من المساعدات الإنسانية، إذ نجحت في ظل الأوضاع والأحداث التي تشهدها العديد من المناطق حول العالم في تقديم المساعدات الخيرية والإنسانية والإغاثية والتنموية لتحسين حياة الشعوب، وذلك من نافذة برامج احترافية، تخضع لمعايير فنية مُحكمة، وتقترب قيمة ما قدمته المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية من 100 مليار دولار كمساعدات إنسانية استفادت منها 81 دولة. ولعل آخر مواقف المملكة الداعمة للعالم في أزماته، إسهامها بمبلغ 500 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة الدولية لمكافحة كورونا، كما شملت إسهاماتها 150 مليون دولار لتحالف ابتكارات التأهب الوبائي، ومثلها للتحالف العالمي للتطعيم والتحصين، و200 مليون دولار للمنظمات والبرامج الصحية الدولية والإقليمية الأخرى، وهو ما عزز مكانة السعودية كدولة صانعة للخير ومحافظة عليه، وسيستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.