احتفلت الصينوكوريا الشمالية مؤخرا بالذكرى الستين لمعاهدة الصداقة والتعاون بينه البلدين، وأعرب الرئيس الصيني شي جين بينج، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج- أون، عن رغبة في الارتقاء بعلاقاتهما إلى مرحلة جديدة. وفي تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية، يتساءل كبير المحللين بمعهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، الدكتور مالكوم ديفيز، عما إذا كانت هذه المرحلة سوف تشمل العمل من أجل إيجاد حل عن طريق التفاوض لنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، أو إذا كان من المرجح أن تجد الصين أنه من المصلحة أن تظل الولاياتالمتحدة تواجه بيونغ يانغ التي تمتلك أسلحة نووية. ويوضح ديفيز إن اللغة التي استخدمتها كوريا الشمالية فيما يتعلق بالعلاقات بينها وبين الصين أكدت على "سحق استبداد القوى المعادية ومناوراتها اليائسة"، وصرح شي بأنه يسعى إلى" تعاون ودي بين الصينوكوريا الشمالية للارتقاء إلى مستويات جديدة". وتتوقع بكين أن تنسق كوريا الشمالية أي دبلوماسية مع الولاياتالمتحدة بطريقة تفيد الصين جغرافيا وسياسيا. وفي واقع الأمر، يبدو الأمل ضئيلا في التوصل لحل شامل بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية، في ظل قيام الأخيرة بتعزيز مخزونها من الصواريخ الباليستية، التي يستطيع بعضها حمل أسلحة نووية، ضد الولاياتالمتحدة. ومن المؤكد أن كوريا الشمالية لا تعتزم الموافقة على "نزع شامل للأسلحة النووية يمكن التحقق منه ولا رجعة فيه"، وسوف يدرك الرئيس جو بايدن أن الدبلوماسية لن تؤدي إلى صفقة رابحة. وأضاف ديفيز أنه من المرجح أن يسعى بايدن إلى نهج عملي ومحسوب للدبلوماسية مع كوريا الشمالية يركز على تعزيز الاستقرار والحد من خطر الحسابات الخاطئة، بدلا من القمة التي لا معنى لها والتي انغمس فيها الرئيس السابق دونالد ترمب مع كيم. وربما يكون دور الصين في هذه العملية هو تسهيل الأمور. وسوف تسعى الصين إلى استغلال الخلاف بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية لصالحها. وعلى الرغم من أن بكين لا تريد أن تشكل كوريا الشمالية تهديدات نووية ضد الدول المجاورة لها ، يتعين عليها أن تتأكد من أن هدف أي مفاوضات بين واشنطن وبيونغ يانغ هو الحد من تواجد الولاياتالمتحدة ونفوذها في شبه الجزيرة الكورية. ولكن الأمر الذي قد يسهل تحقيق تلك النتيجة محل تكهنات. ويقول ديفيز إنه يمكن، على سبيل المثال، أن يؤدي ترتيب محتمل متبادل إلى دفع الصين لكيم للتخلص من إمكانيات الصواريخ القديمة التي تعمل بالوقود السائل والتي يمكن أن تهدد الولاياتالمتحدة، ولكن في المقابل سيتعين على الولاياتالمتحدة الحد من التهديد النووي لبيونغ يانغ وكذلك سحب انظمة الدفاع الجوي" ثاد" من شبه الجزيرة الكورية. وسوف يعتبر ذلك تنازلا كبيرا من جانب الولاياتالمتحدة في مقابل إنهاء كوريا الشمالية استخدام الصواريخ القديمة، حتى في الوقت الذي تقوم فيه بتطوير تكنولوجية جديدة لصواريخ تستخدم الوقود الصلب. وسوف يتعين على الولاياتالمتحدة مراعاة مصالح اليابان وكوريا الجنوبية في أي تغيير لارتباطها الإقليمي بالقوات ذات القدرة النووية، حيث إن سحب مثل هذه القوات سوف يقوض ثقة طوكيو وسيئول في الردع النووي الأمريكي الممتد، حتى لو كان لا يزال بوسع أمريكا مهاجمة كوريا الشمالية بأسلحة نووية استراتيجية حال حدوث أزمة. وأكد ديفيز أن تطوير كوريا الشمالية للصواريخ لن يتوقف، وأن إنتاج الصواريخ العابرة للقارات التي تعمل بالوقود الصلب، والصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من الغواصات، يمضى قدما. وحتى إذا سحبت الولاياتالمتحدة القوات النووية من المنطقة، لن يتوقف تطوير كوريا الشمالية للأسلحة النووية. ويتعين أن يكون بايدن حذرا تجاه أي اتفاق سيء في أي مفاوضات لا سيما في ظل سعي الصين لاستغلال مكسب قصير الأجل لصالح الولاياتالمتحدة لخلق ميزة طويلة الأجل لصالح الصين. وفي المقابل، فإن عدم الانخراط في دبلوماسية دقيقة يحمل خطر احتمال تحرك كوريا الشمالية بسرعة أكبر نحو وضعية مواجهة، يمكن أن تشهد استئنافا لاختبار الصواريخ طويلة المدى، وحتى المزيد من التجارب النووية. واختتم ديفيز تحليله بالقول إن بكين في وضع قوي للتحكم في كوريا الشمالية بطريقة تسهل تفوق الصين على الولاياتالمتحدة في المنطقة، ولكن فقط إذا وقعت الولاياتالمتحدة تحت رئاسة بايدن في الفخ. والنهج الأكثر عقلانية هو أن تضاعف الولاياتالمتحدة الردع النووي الممتد، وأن تعمل من أجل تعزيز التعاون الإقليمي بشأن الدفاع الصاروخي الفعال لكبح التهديد النووي من جانب بيونغ يانغ.