مع التطور المطرد في وسائل التواصل الاجتماعي استبشر الجمهور بقدرة هذه الوسائل في تعزيز التواصل الفعّال والإيجابي خصوصاً أثناء الأزمات. ومنذ اندلاع أزمة فيروس كورونا ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من القصص والحكايات عن طبيعة المرض، وخطورته وساهمت هذه الأخبار في جذب المستخدمين لهذه الرسائل، والتفاعل معها، حيث أشارت شركة موقع فوربس إلى أن 607 ملايين مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي ذكر فيروس كورونا في يوم واحد فقط (28 فبراير). إلا أن هذه الأخبار ساهمت سلباً في الحياة الاجتماعية في العديد من الدول. ونتيجة لذلك أطلقت منظمة الصحة العالمية مصطلحاً جديداً (indodemic), والذي يرمز إلى تفاوت مصداقية المعلومات المنشورة, الأمر الذي يصيب الناس بالحيرة خصوصاً في كيفية التعامل مع المرض ومواجهته، وهنا تكمن خطورة وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على حياة الأفراد وسلامة المجتمع. كما أن الرسائل المتداولة في وسائل التواصل ساهمت في تأجيج العنصرية، حيث عانى الصينيون من التنمر، وردود الأفعال المتهورة, وصلت لدرجة التعدي اللفظي والجسدي في بعض دول العالم على اعتبار أن الفيروس اكتشف أولاً في الصين. هذه الأزمة وضعت شركات التواصل الاجتماعي تحت مقصلة النقد، ولذلك شرعت هذه الشركات في سن قوانين للتصدي للأخبار الكاذبة على وسائل التواصل. حيث أعلن الموقع الشهير تيك توك الشراكة مع منظمة الصحة العالمية بهدف نشر معلومات موثقه عن فيروس كرونا بالإضافة إلى تزويد الناس بالحمايات الصحية السليمة لمكافحته. تويتر أيضاً وضعت خطة لحماية الجمهور من الأخبار المغلوطة على منصتها. كما أن منظمة الصحة العالمية تحاول أن تسيطر على انتشار الشائعات من خلال التعاون مع شركات وسائل التواصل الاجتماعي الكبرى تويتر, فيسبوك, وتيك توك, من خلال حجب المعلومات المغلوطة, وتزويد الجمهور بالمعلومات الصحية الضرورية. تجاوب شركات التواصل الاجتماعي مع هذه الأزمة ووضع قيود على ما ينشر خلالها يؤكد أولاً على أهمية سلامة المحتوى وخطورة المعلومات الكاذبة وأثرها على السلم المجتمعي، كما أنه يوضح أنّ شركات التواصل الاجتماعي استوعبت الدرس جيداً بعد الجدل العنيف الذي صاحب الانتخابات الأميركية، واتهام فيسبوك بالتلاعب بآراء الناخبين, الأمر الذي أثر سلباً على سمعة الشركة. لم يعد النظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي مقتصراً على أنها وسائل ناقلة للخبر, بل أصبحت تمثل أداة مؤثرة على استقرار المجتمعات وانسجامها.