قال محلل أسواق النفط الدكتور محمد الشطي، إن أبرز التطورات في أسواق النفط تشير إلى توقعات استمرار اختلال ميزان الطلب والعرض، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو خفض توقعات تنامي الاقتصاد العالمي ليدور حول 3 % عاكساً بذلك أجواء التصعيد في الخلاف التجاري بين الولاياتالمتحدة الأميركية وعدد من الشركاء التجاريين في العالم وخصوصاً الصين، ومعه تم تخفيض معدل تنامي الطلب العالمي على النفط لعام 2019 مقارنة مع عام 2018. ومن التطورات تصاعد وتيرة الأحداث في منطقة الخليج العربي وتعرض ناقلات النفط للهجوم، كذلك تعرض منشآت نفطية سعودية لهجمات إرهابية أثرت على مستويات الإنتاج في المملكة، ولكن سرعة عودة الإنتاج في المملكة ضمنت الأريحية للأسواق فيما يتعلق بأمن الإمدادات في السوق، وقد عرضت الولاياتالمتحدة الأميركية مبيعات من المخزون الاستراتيجي الأميركي إذا احتاجت الأسواق لذلك. وحالياً تعاني عدد من مناطق الإنتاج أوضاعاً جيوسياسية غير مستقرة (إيران والعراق وليبيا) ما يعني استمرار تأثر المعروض في أسواق النفط، معدل الإنتاج من خارج الأوبك في ارتفاع يفوق معدل تنامي الطلب مما يضغط على أسعار النفط ويجعل تحالف الأوبك أمام خيارٍ واحدٍ فقط وهو استمرار خفض الإنتاج لتحقيق توازن السوق النفطية، الأوضاع الراهنة تشير إلى استمرار هيكلة أسعار النفط لتتصف بالباكورديشين خصوصاً نفط خام الإشارة برنت ما يعني توازن السوق حالياً مقابل المستقبل مما يعني تعزيز مستويات الأسعار حالياً مقارنة في المستقبل للنفط الخام. وتابع الشطي قائلاً استمرار ارتفاع نسب الالتزام لتحالف المنتجين باتفاق خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً خلال عام 2019 وتفوق نسب الالتزام 100 % والدول المنتجة داخل التحالف إما ملتزمة بالاتفاق بل وتخفض أكثر، أو أخرى تستفيد من الاتفاق والأسعار لكنها غير معنية بالالتزام، ودول ثالثة تعاني من ظروف استثنائية فنية وجيوسياسية يتأثر معها الإنتاج مثل إيران وفنزويلا والمكسيك وغيرها، لكن المحصلة النهائية هناك التزام بالاتفاق وخفض في المعروض في السوق خصوصاً في أنواع النفط المتوسط والثقيل مما يدعم أسعار تلك النفوط استمرار ارتفاع الإنتاج في الولاياتالمتحدة الأميركية وإن كان بمعدلات أقل من عام 2018 لكن يبقى بمستويات تفوق الزيادة في الطلب على النفط. وأوضح الشطي أن مؤتمر أوبك الوزاري الأخير والتأكيد على ضرورة الالتزام بالاتفاق، كما أنه لا يمكن قبول الاستفادة من حالة السوق من دون الالتزام باتفاق خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً مع إعلان المملكة عزمها على خفض إضافي مقداره 400 ألف برميل يومياً، وتعميق التخفيض في اتفاق جديد خلال الربع الأول من عام 2020 مع الإشارة إلى الاستمرار بمتابعة تطورات السوق إلى حين الاجتماع القادم المقرر في شهر مارس القادم، وتعد حركة المخزون النفطي الأميركي مهمة جداً لأسواق النفط، فكلما حدثت سحوبات من المخزون فإن ذلك يعدّ حافزاً إيجابياً لأسعار النفط الخام، كما أن اختلال السوق النفطية يعني وجود فائض نفطي بكميات طفيفة وهو بلا شك لا يقارن في المستويات التي كانت تعاني منها أسواق النفط قبل بدء تشكيل تحالف المنتجين أو ما يعرف ب OPEC+، الفائض في المخزون النفطي لأعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا يتعدى 20 مليون برميل مع نهاية شهر نوفمبر 2019م، وقد اتسمّ العام 2019 بحركات بيع للعقود من قبل بيوت الاستثمار والمضاربة في الأسواق الآجلة وسط أجواء تغيب فيها الرؤية المتفائلة وهو ما أثر سلباً على أسعار النفط، ولكن مع اقتراب انتهاء العام فقد تبدلت الانطباعات مما حفز حركة شراء للعقود وتعزيز المراكز وهو ما يعزز أسعار النفط، هوامش أرباح المصافي تعاني من ضعف الأمر الذي شجع على خفض في معدل تشغيلها خلال العام الجاري 2019م، ومن المفترض أن يسهم تطبيق قرار تشديد مواصفات زيت وقود السفن في اتساع الفروقات بين النفوط الثقيلة والفائقة النوعية (نفطي برنت ودبي). وأضاف المؤشرات الإيجابية في الأسواق خلال العام المقبل 2020 التي من المتوقع أن يكون لها آثاراً إيجابية هي اتفاق أوبك بلس خلال الربع الأول من 2020 مع تعميق الخفض، وتحسن الأجواء بين أميركا والصين فيما يتعلق بالعلاقات التجارية، كذلك توقعات الخفض في معدل زيادة النفط الصخري الأميركي وتعافي معدل الطلب على النفط في العالم، المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن الأسوأ قد تم تجاوزه وأن الاقتصاد يبدأ في التعافي التدريجي بدءاً من العام القادم، هنالك أجواء من التفاؤل الحذر في المفاوضات التجارية بين أميركا والصين مع اقتراب الانتخابات الأميركية ورغبة الطرفين في عدم التصعيد، كما أن بعض مناطق الإنتاج الرئيسية ما زالت تعاني من أوضاع جيوسياسية غير مستقرة يتهدد معها الإنتاج النفطي وبالتالي أمن المعروض في السوق، بالإضافة إلى وجود تحسن في هوامش أرباح المصافي في عدد من الأسواق مع تحسن في أسعار المنتجات الخفيفة والمتوسطة واقتراب بدء تطبيق الشروط المتشددة فيما يتعلق بوقود السفن، كذلك تحسن في الطلب على النفط في بعض الأسواق الواعدة مثل الصين، بالإضافة إلى إقبال بيوت الاستثمار والمضاربة نحو تعزيز المراكز المالية للعقود في الأسواق الآجلة لبيوت الاستثمار والمضاربة مع نهاية عام 2019، وقد بدأت بعض المصارف بتغيير توقعاتها نحو الانطباعات الإيجابية. د. محمد الشطي