اعترت أسواق النفط في ربعها الأخير من العام 2018م عدّة متغيرات ساهمت نسبياً في تغيير الاتزان السابق بداخل الأسواق، أهمها البدء في دخول مرحلة جديدة لبناء المخزونات النفطية؛ لتراجع معدلات الطلب العالمي على النفط وهو الأمر الذي أحدث فجوة بين عاملي العرض والطلب في الأسواق النفطية، ويرى خبير نفطي أن استمرار نمو الإمدادات النفطية من خارج منظمة الأوبك ساهم كثيراً في بدء عملية الاختلال في الأسواق، وارتفاع معدل المعروض النفطي. وقال د. محمد الشطي المحلل النفطي، بدأت بيوت الاستشارة في صناعة النفط تعكس ضعف أساسيات الأسواق في توقعاتها الشهرية، وذلك بناء على مجريات السوق النفطية خلال عام 2019، كما انعكس أيضاً في خفض توقعاتها لأسعار نفط خام الإشارة برنت خلال عام 2019 ليزداد الحديث حول إمكانية هبوط الأسعار إلى 60 - 65 دولاراً للبرميل، ويعزى ذلك إلى ضعف معدلات تنامي الطلب العالمي على النفط، فقد أعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول في تقريرها الشهري أن هناك توقعات بنمو الطلب العالمي ب 1.5 مليون برميل يومياً في 2018، بينما يرتفع الطلب العالمي على النفط خلال عام 2019 ليدور حول 1.3 مليون برميل يومياً، أي انخفاض في معدل النمو بمقدار 200 ألف برميل يومياً يعكس بالدرجة الأولى آثار الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع الأسعار على مستوى تنامي الطلب خصوصاً في الأسواق الواعدة، علماً أنه قد قامت المصارف بخفض معدل النمو الاقتصادي، كما أن استمرار ارتفاع الإمدادات من خارج منظمة الأوبك عند معدلات تفوق مليوني برميل يومياً، ويعني ذلك بناء في المخزون النفطي وعودة إلى حالة اختلال في أسواق النفط وضغوط على الأسعار. وتابع الشطّي بقوله، هذا يعني استمرار ارتفاع الإنتاج من قبل المنتجين وتعافي الإنتاج في بعض الدول مثل ليبيا وتأثير العقوبات على إيران لن يؤثر بشكل كبير، وبالإمكان التعامل معه بكل أريحية كل هذه الظروف تعني أن يفوق المعروض المطلوب والنتيجة واحدة ضغوط على أسعار النفط الخام، وقد جاء إعلان المملكة العربية السعودية خفض إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يومياً خلال شهر ديسمبر مبادرة مسؤولة تصب في استقرار الأسواق، وحتى الحديث عن اقتراح خفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً أيضاً يعد مبادرة جيدة وينتظر السوق التعرف على تفاصيل أكثر خلال اجتماع أعضاء منظمة الأوبك مع الحلفاء في ديسمبر المقبل. وأضاف الشطي تهتم الأسواق بالأرقام حيث إن أي مبادرة تحمل في طيّاتها خفضاً وآلية واضحة تؤثر عليه، ويكون لها تأثير إيجابي على توجهات السوق والأسعار وتحمل آفاق واعدة لاستعاده أسس الاستقرار، وتتأثر بتوقعات الإنتاج من الولاياتالمتحدة الأميركية والبرازيل كذلك حركة المخزون النفط، كما تقوم بمراقبة إجمالي إنتاج الأوبك بشكل دقيق؛ لأن أي ارتفاع يعني مصداقية أكبر لاختلال الأسواق وأي نقص سيدعم توجه استعادة واستقرار الأسواق من جديد، وقد أشارت المنظمة إلى أن ارتفاع الإنتاج من خارج أوبك سيؤدي لاختلال توازن السوق في 2019م، وحذرت في الوقت ذاته من تخمة المعروض النفطي في 2019 وذلك في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي وتنامي معروض المنتجين المنافسين بوتيرة أسرع من المتوقع، معززة المبررات لتحول كامل في السياسة صوب خفض الإنتاج خلال اجتماع المنظمة الشهر المقبل، كما أنه يعد مؤشراً إيجابياً يعكس وجود نيات للاستمرار في استراتيجية استقرار الأسواق، كذلك الاستمرار بسياسة النجاح التي بدأت منذ نهاية 2016 حيث نجح تحالف أوبك مع المنتجين غير الأعضاء في وصول سوق النفط إلى التوازن حالياً، إلا أن توقعات 2019 لنمو المعروض غيّر استراتيجية أوبك التي تشير إلى أحجام أعلى تتجاوز نمو الطلب العالمي على النفط، مما يفضي إلى اتساع فائض المعروض في السوق وبالتالي الضغط على مؤشر الأسعار. د. محمد الشطي