في الوقت الذي أجمع فيه عددٌ من المصارف وبيوت الاستشارة العالمية على النظرة التفاؤلية لأسواق النفط انخفض إجمالي عدد العقود الآجلة من ذروتها في فبراير 2017 التي كانت بمستوى ال 920 ألف عقد ل 578 ألف نهاية أكتوبر المنصرم 2017، مما يشير إلى تحسّن الوضع الراهن والأريحية التي تعم أوساط مضاربي أسواق النفط. وذهب مصرف جي بي مورغان في توقعّاته إلى بقاء مستويات أسعار النفط حول ال 60 دولاراً للبرميل خلال الأشهر القادمة وحتى نهاية العام 2018 شريطة الالتزام باتفاق خفض الإنتاج واستمرار السحوبات من المخزون، وشاركه نفس النظرة البيت الاستشاري إنيرجي سيكيورتي إناليسس إلا أنه قال باستمرار ذلك خلال العامين القادمين 2018 – 2019. وأوضح خبراء نفطيون أن هنالك عدداً من المستجدات ساهمت في إيجابية الأجواء بأسواق النفط منها انخفاض الفائض في المخزون التجاري لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مقارنة مع متوسط السنوات الخمس الماضية ل 170 مليون برميل نهاية أغسطس 2017، مقارنة مع يناير من العام نفسه حيث كان 338 مليون برميل. في ذات الشأن قال أستاذ الطاقة والصناعات بجامعة الملك سعود الدكتور فهد المبّدل النفط سلعة عالمية حسّاسة تتأثر بالعوامل المحيطة، فليست سلعة يمكن التنبؤ بسعرها خلال سنة قادمة، ولكننا الآن نجد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تصدّر أكثر من مليون برميل يومياً من النفط الصخري، كذلك هنالك زيادة بالنمو في أوروبا والصين، وأعتقد أن العامل المهم هو الالتزام باتفاق خفض الإنتاج حيث يعد أهم العوامل التي تؤدي إلى ثبات أسعار النفط. وبيّن أنه في بدايات العام 2015 م كانت الأسعار منخفضة جداً وكان الطموح وصول مؤشر الأسعار ل 50 دولاراً، والآن وصل لمستوى ال 60 دولاراً، وأحد العوامل المهمّة هي السياسة النفطية للمملكة التي تسعى دوماً لتقريب وجهات النظر فيما بين المنتجين المؤثرين كروسيا والعراق والإمارات، حيث تعد هذه الدول متجاوبة لحدٍ كبير، فنجد الآن ما لا يقل عن 24 دولة نفطية متفقة على خفض الإنتاج وهذا – بإذن الله - سيؤثر على سعر النفط بشكل جيد إن لم يرتفع. وأضاف الدكتور المبدّل لا نتوقّع زيادات كبيرة في الأسعار، ولكن المؤشرات الجيّدة ستكون بحاجة أكيدة لاستمرار اتفاق الخفض برعاية وتنظيم المملكة. بدوره قال المحلل الكويتي الدكتور محمد الشطي ارتفعت توقعات تنامي الطلب على النفط لعام 2017 حيث كانت في بداية العام تدور حول 1.16 مليون برميل يومياً ووصل معدل النمو 1.42 مليون برميل يومياً في شهر سبتمبر 2017 م، وأصبحت السوق النفطية الأمريكية عاملاً مؤثراً في أسواق النفط وتحديد تحركات المضاربين والمستثمرين التي كانت أكثر توازناً خلال النصف الثاني من العام الحالي، حيث انخفض المخزون الأمريكي التجاري للنفط الخام من 504 مليون برميل في شهر يناير 2017 إلى 462 مليون برميل في شهر أغسطس 2017 م، من أبرز العوامل التي أسهمت في التحول الإيجابي في أسواق النفط هو تعافي الطلب في آسيا بشكل غير مسبوق لا سيمّا في الصين والهند وهو أيضاً تطور سيتابعه المراقبون لأنه يعني قدرة أكبر لاستيعاب أي زياده في المعروض. وذكر أن الإنتاج الأمريكي يعد سبباً رئيساً في زيادة المعروض النفطي من خارج الأوبك الذي ظل خلال الأشهر الماضية دون التوقعات، كما ساعد بشكل كبير في دعم الأسعار وسيظل داعماً رئيساً خصوصاً إن لم يؤثر ارتفاع الأسعار على وتيرة ارتفاع الإنتاج هناك ؛ كونه – أي الإنتاج الأمريكي – هو الذي يفرض سقفاً على أسعار النفط بينما اتفاق خفض الإنتاج يفرض حداً أدنى لها، ولعل أهم أسباب ذلك أن السوق ما زالت تعاني من زيادة في الفائض بالمخزون النفطي التجاري في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية رغم انخفاضه خلال أشهر 2017، حيث تقدره بعض المصادر حالياً بأنه يدور حول 170 مليون برميل.