الانطباع ملاحظات سريعة لا تطيق الانتظار. وهي ملاحظات تعكس مشاعر الإنسان أو خبرته أو حدسه. عندما تزور مدينة لأول مرة يقال لك: ما انطباعك الأول عن هذه المدينة؟ وقد تبدي بعض الانطباعات السلبية أو الإيجابية، وربما تغيرها فيما بعد. وفي مقابلات التوظيف يتبادل المقيمون انطباعاتهم عن المتقدم للوظيفة معتمدين على المظهر، أو أسلوب الحديث، أو طريقة تقديم المتقدم لنفسه. الانطباع في الغالب وليد اللحظة. الموضوعية تقتضي ألا نصدر رأياً قاطعاً حول المتقدم للوظيفة استناداً على الانطباع الأول. لا بد من معايير محددة تطبق على الجميع تحقيقاً للعدالة. الرأي وليد التفكير ويستند إلى معلومات وحقائق. إذا قلت إن أحد الأطعمة أو الممارسات ضارة بالصحة فعليك أن تقدم الأدلة التي تؤيد هذا الرأي. وإذا قلت إن بلداً من البلدان غير آمن فسوف تحتاج إلى إحصائيات تؤكد هذا الرأي. عندما أقول إن ما يحدث من حدة في الحوارات الاجتماعية والثقافية والسياسية سببها المواجهة بين الرأي والانطباع، وكذلك الخلط بين الأمنيات والتوقعات. الأمنيات أحياناً توجه التوقعات فتكون توقعات غير مدعومة بدليل. التوقعات يفترض أن تستند إلى حقائق علمية أو معلومات مؤكدة. يتوقع المحلل حدوث انقسام في دولة معينة لأنه يتمنى ذلك، وبهذا تخرج التوقعات من دائرة الرأي إلى دائرة العاطفة. ويتوقع فوز مرشح على آخر في الانتخابات لأنه يتمنى ذلك، وهذا ما يحدث أيضاً في التوقعات التي تسبق المباريات الرياضية. هذا لا يلغي أهمية التوقعات الإيجابية التي يشعر بها الشخص المقدم على عمل معين. التوقعات الإيجابية هي الحافز الذاتي المعبر عن الثقة بالنفس. من يتوقع الفشل لن يحشد قدراته وإمكاناته لتحقيق النجاح كأنه حكم على نفسه بعدم القدرة على تحقيق أهدافه. التوقعات الإيجابية من المحيطين بالشخص من الأسرة والأصدقاء والزملاء مهمة جداً في التحفيز. لكن عندما تصدر التوقعات الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية من شخص يبني توقعاته على الأمنيات فهذا هو التضليل. ومن التضليل المتصاعد تلك التوقعات المتعلقة بنهاية العالم التي لا يعلمها إلا الله. ومنها توقعات تتعلق بحياة الناس، واندلاع الحروب، ومنها توقعات المنجمين والتنافس في ميدان التوقعات على بطولة ملك التوقعات. مثل هذه التوقعات لم تعد تجذب اهتمام الناس أو تؤثر فيهم وأصبحت من الأخبار السنوية الروتينية المسلية، على عكس الآراء المستندة على حقائق ودراسات وبحوث علمية.