كثيرة هي الأسباب التي تؤدي إلى فشل النقد الإداري (إن صح هذا المصطلح) في تقييم الأداء للأجهزة العامة ومؤسسات المجتمع. من أبرز الأسباب استناد الناقد إلى انطباعات لا تصل إلى مستوى الحقائق، وقد تكون تلك الانطباعات مما تحفظه الذاكرة وليس من واقع جديد متغير أو في طريقه إلى التغيير. يحدث ذلك إما بسبب عدم توفر المعلومات والحقائق وتقصير الجهاز في هذا الجانب، أو أن الناقد لا يبحث عن تلك المعلومات والحقائق ويكتفي بما يتوفر من الانطباعات والملاحظات والأحداث العابرة. السبب الثاني هو تركيز النقد على الشخص وليس على الأداء. ومن الأشياء المزعجة لأي مسؤول أن يتهم بعدم المسؤولية أو عدم الاهتمام. في هذه الحالة يبتعد الناقد عن الموضوعية، ويبتعد عن النقاش العلمي ولغة الأرقام والحقائق إلى لغة إنشائية لا يستفيد منها الجهاز، ويصبح الاتصال عبارة عن هجوم ودفاع لا علاقة له بالنقد. السبب الثالث هو انطلاق الناقد من مشكلة عابرة أو قضية واحدة قد تكون فرعية أو إجرائية إلى التعميم على الجهاز كله والحكم عليه بالفشل. السبب الرابع هو تكوين رأي مسبق عن الجهاز والبحث عما يؤيد هذا الرأي بطريقة تركز على السلبيات والأخطاء وتجاهل الإيجابيات والإنجازات. السبب الخامس إطلاق أحكام عامة دون الاستناد إلى دليل، والافتقار إلى التحديد والتحليل. النقد هنا لا يتضمن التقييم والتقويم بل يقتصر على الانتقاد. السبب السادس تعامل الجهاز مع النقد بطريقة (نحن وهم) والنظر إلى النقد نظرة سلبية لا تتغير. بعض الأجهزة ترحب بالنقد وتستفيد منه لأغراض التطوير وإيجاد الحلول، وبعضها لا يقبل غير المديح. السبب السابع طرح النقد بلغة ساخرة، فيتم تقديم مادة مسلية أو مثيرة ولكن غير مفيدة. السبب الثامن أن الجهاز الإداري يؤدي الحد الأدنى ويفتقد إلى الوضوح في استراتيجيته، وإلى الطموح في أهدافه، ويفضل أن يعمل بمعزل عن الإعلام حتى لا يتعرض للنقد. تلك بعض الأسباب التي تعيق الاستفادة من النقد الإداري وتوتر علاقة مؤسسات المجتمع بالإعلام. تلك الأسباب لا تعني أن تعمل الأجهزة بعيداً عن النقد، سوف تخضع لنوع آخر هو تقييم الأداء عن طريق الجهات المختصة. هنا يختلف الطرح وتختلف اللغة وتكون الخطط والأهداف والإنجازات والحقائق والأرقام هي المعايير التي يستند اليها التقييم. ومن الموضوعية الإشارة إلى أن بعض النقاد في هذا المجال ينطلقون من نفس المعايير، وقد يتفوقون على الجهات المعنية بالتقييم وهو إن حصل أمر إيجابي مفيد وهو ما تبحث عنه فكرة هذا المقال.