إن أهم عنصر في موضوع مقابلات التوظيف هو العدالة، وهذا يتطلب أن تطبق المعايير والإجراءات على الجميع، وأن يكون الهدف من المقابلة هو البحث الموضوعي عن الشخص المناسب للوظيفة حسب مؤهلاته وخبراته وقدراته وسماته الشخصية، مقارنة بمتطلبات الوظيفة الشاغرة في تجربتي الإدارية أجد متعة وخدمة وفائدة في مقابلات التوظيف كونها تعاملاً إنسانياً مباشراً، وحواراً عملياً وفكرياً مفتوحاً. لقاء يحضر فيه الفكر، وتحضر الشخصية والمعرفة والتجارب والهوايات، والمهارات وخاصة مهارات الاتصال. في تجربة مقابلات التوظيف قابلت المواطن وغير المواطن في المستويات المختلفة. العامل المشترك بين الجميع هو التقدم لوظيفة ومحاولة إثبات الجدارة للفوز بها. أما التفاصيل والفوارق فهي كثيرة جداً. لو لم تكن هذه الفوارق موجودة لما كان هناك حاجة لإجراء المقابلات. إن أهم عنصر في موضوع مقابلات التوظيف هو العدالة، وهذا يتطلب أن تطبق المعايير والإجراءات على الجميع، وأن يكون الهدف من المقابلة هو البحث الموضوعي عن الشخص المناسب للوظيفة حسب مؤهلاته وخبراته وقدراته وسماته الشخصية، مقارنة بمتطلبات الوظيفة الشاغرة. من البدهي أن الاطلاع على السير الذاتية خطوة مهمة تسبق إجراء المقابلة، وقد تشكل هذه السيرة المحور الرئيس الذي تدور حوله المقابلة. ومن المهم في مقابلة التوظيف وضع عناصر موضوعية للتقييم. وعلى الرغم من أهمية هذه العناصر إلا أن الانطباعات الشخصية (أو الحدس) تفرض نفسها أحياناً استناداً إلى مؤشرات معينة مثل المظهر، أو اللغة، أو طريقة تعريف المتقدم لنفسه، أو أسلوب الحوار وطريقته في التعامل مع الاختلاف في الرأي. إن نجاح مقابلة التوظيف يعتمد على من يقوم بإجراء المقابلة، وعلى المتقدم للوظيفة. ومن هنا كثر التأليف في هذا المجال من كتب وأدلة تتحدث عن أهمية مقابلة التوظيف وأنواعها وشروط نجاحها، واتجهت معاهد التدريب إلى تصميم وتنفيذ برامج عن إجراء المقابلات، وكيفية النجاح فيها وتعددت النصائح التي توجه للمتقدم للوظيفة، ولمن يجري المقابلة. ومن خلال تجربتي العملية ولغرض الفائدة أقدم هنا ملاحظات عامة تخص الطرفين، المتقدم للوظيفة، ومن يجري المقابلة: ملاحظات ومقترحات تخص المتقدم للوظيفة: - يحرج المتقدم للوظيفة نفسه إذا حضر متأخراً عن موعد المقابلة. هذا التأخير قد يؤخذ من قبل لجنة المقابلات كمؤشر على عدم الانضباط. - إحراج آخر يتمثل في عدم التحضير. فقد يوجه له سؤال عن الجهة التي سيعمل فيها وماذا يعرف عنها ويتضح أن معلوماته ضئيلة جداً. - ومن الإحراج أيضاً وجود فجوة بين السيرة الذاتية المكتوبة بطريقة احترافية، الحافلة بخبرات وتجارب قوية، وبين طريقة تقديم صاحب السيرة لنفسه، ومستوى إجاباته عن الأسئلة. أحياناً تكون السيرة مشتركة بين شخصين حيث يتم إعدادها من قبل محل واحد لخدمات الطلاب. - تكون السيرة قوية، والمتقدم مؤهل علمياً ومتمكن في أدائه، لكنه متعالٍ في أسلوبه، حاد في طرحه. يتم توظيفه بمبرر المؤهلات والخبرة. يبدأ العمل ثم تأتي الأخبار من بيئة العمل بأنه يصنع المشكلات. ويطرح السؤال: كيف تم توظيفه؟ - المظهر قد لا يعبر بدقة عن الجوهر، لكنه يؤخذ في الاعتبار كمؤشر. من المهم الأخذ بالمظهر اللائق دون مبالغة. - إظهار مهارات الاتصال وخاصة الإنصات وعدم التسرع في الإجابة أو سرد معلومات تفصيلية غير مطلوبة. - المصداقية والوضوح في إعطاء المعلومات وعدم الخجل من سرد تجارب غير ناجحة. - تجنب إسقاط أسباب التجارب غير الناجحة على الآخرين والظهور بمظهر البطل. - وضع أهداف واضحة تبرر التقدم للوظيفة. - إذا أردت أن تمدح الجهة التي تتقدم للعمل بها فليكن ذلك بطريقة علمية وتجنب المدح الإنشائي المبالغ فيه. - ستكون هناك أسئلة تتعلق بالتخصص فكن جاهزاً لذلك. وكن جاهزاً أيضاً لسؤال عن الوصف الوظيفي للوظيفة الشاغرة، وهل اطلعت عليه؟ - قد تطرح عليك أسئلة مستفزة لاختبار قدرتك على التحكم في انفعالاتك وكيفية التصرف في مثل هذه المواقف. توقع ذلك. تلك بعض الملاحظات والنصائح ويمكن الإضافة عليها فهي قابلة للزيادة. المهم الثقة بالنفس وإبراز المتقدم لشخصيته الحقيقية دون تكلف. أما من يجري المقابلة سواء أكان شخصاً واحداً أو لجنة فنخصه بالملاحظات والمقترحات التالية: - التركيز بتوازن على كافة الجوانب العلمية والشخصية بحيث لا ينصرف الوقت على جانب واحد على حساب الجوانب الأخرى. - الاطلاع على السير الذاتية للمتقدمين واستنباط أسئلة من محتوياتها. - العدالة بين المتقدمين في الوقت والأسئلة والتعامل مع الجميع بمعايير موضوعية. - تجنب الأسئلة الخاصة جداً التي ليس لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهدف المقابلة. - الإنصات للمتقدم وعدم الإجابة نيابة عنه. - استقبال المتقدم بطريقة مريحة تشجعه على الاسترخاء والتخفيف من القلق. - عدم التسرع في الحكم على الشخص من خلال معيار واحد كالمظهر على سبيل المثال، أو لغة الجسد. - من المهم المقارنة بين نمط الشخصية وطبيعة العمل في الوظيفة الشاغرة. والارتياح لشخصية المتقدم لا يعني أنه الشخص المناسب للوظيفة. - يجب عدم تكوين رأي إيجابي أو سلبي عن المتقدم للوظيفة استناداً إلى الانطباع الأول. - وضع جدول للمقابلات يتناسب مع عدد المتقدمين للمقابلة بحيث يتاح الوقت الكافي للجنة المقابلات لتقييم المتقدم، ويتاح للمتقدم الوقت الكافي لتقديم نفسه. - وضع معايير موضوعية لاختيار المرشحين للمقابلة بما يتفق مع الوصف الوظيفي ومتطلبات شغل الوظيفة. تلك بعض الملاحظات والمقترحات التي تساعد على استثمار مقابلة التوظيف في توظيف الكفاءات. ومن المهم الإشارة إلى أن نجاح المتقدم في مقابلة التوظيف لا يعني ضمان نجاحه في الميدان. المقابلة مهما كانت مهنية ودقيقة لا تعطي نتيجة مضمونة. هناك جوانب قد لا تتضح في مقابلة التوظيف وهي ما يطلق عليها الوصف الوظيفي الخفي وهي جوانب مرتبطة بميول الموظف وحبه لطبيعة العمل. المؤلفة في القضايا الإدارية السيدة دوروثي ليدز تطرقت إلى موضوع الوصف الوظيفي الخفي في كتاب لها بعنوان (الأسئلة الذكية للمديرين الناجحين) وهي ترى أن الوصف الوظيفي الخفي يساعد في التركيز على الطباع كالوفاء والنشاط وتقترح مجموعة من الأسئلة التي ينبغي على المدير أن يوجهها لنفسه أو لفريق عمله، لتمييز هذه الجوانب التي ترى أنها صعبة الإدراك. الأسئلة المقترحة هي: - ما الصفات الشخصية الضرورية لهذه الوظيفة (الحماس، الرزانة، المرونة، التفاصيل)؟ - ما نوع السلوك المناسب لهذه الوظيفة (نشيط، هادئ، ثرثار، كتوم)؟ - من فشل في هذه الوظيفة ولماذا؟ - من نجح في هذه الوظيفة ولماذا؟ - من هم الموظفون صعبو المراس الذين سيتعين على هذا الشخص الاتصال بهم؟ - هل هناك أي ظروف غير عادية في المنظمة سيتعين على الشخص أن يتغلب عليها (التغيير، الانتقال، العمل وحيداً)؟ - ما أصعب حالات الوظيفة؟ - ما نوع العمل الذي ينبغي على شخص ما أن يفلح فيه حتى يكون سعيداً وهو يؤدى هذه الوظيفة بالذات؟ - ما نوع الجو الذي ينبغي على هذا الشخص أن يستمتع فيه أكثر من غيره؟ - إذا أردت أن أصف الشخص الذي يستطيع أن يملأ هذه الوظيفة أفضل من غيره فماذا سأقول؟ وأخيراً المبدأ الإداري يقول إن الموظف للوظيفة وليس العكس، ولكن يمكن القول إن الوظيفة للموظف الذي يمتلك شروطها ومتطلباتها، وحين يقال الشخص المناسب في المكان المناسب فهذا يعني توفر تلك الشروط والمتطلبات. ومن خلال التجربة أستطيع القول إن أحد أسباب بطء السعودة في بعض المجالات مثل التمريض هو أنه على الرغم من وجود تطابق بين المتقدم للوظيفة وبين الوظيفة الشاغرة (المشغولة بغير سعودي) أي أن الشروط والمتطلبات تكون متوفرة لدى المواطن لكنه يبحث عن وظيفة أخرى بسبب ساعات العمل ونظام الورديات. وهذا يعيدنا الى الوصف الوظيفي الخفي للوظيفة الذي يجب أن يُعطى حقه من الاهتمام في مقابلات التوظيف.