تكتسب العملية العسكرية التي يشنها الجيش اليمني بدعم التحالف العربي لدعم الشرعية، في مدينة الحديدة أبعاداً استراتيجية وأهميات متعددة تجعلها من المحطات الفارقة على المسار الزمني منذ بدء العمليات العسكرية في اليمن، كما تأتي العملية الحالية في سياق زمني قد يجعلها من أبرز العمليات تأثيراً في مسار أحداث الأزمة اليمنية إذا نجحت في تحقيق أهدافها وإذا تمكنت القيادة من استثمار نتائجها سياسياً على المستوى الإقليمي والدولي، وسياسياً واقتصادياً على المستوى الداخلي في اليمن. يأتي على قائمة أهداف العملية وقف عملية تهريب الأسلحة ومعدات تجهيز الصواريخ التي تأتي عبر الساحل اليمني من طرق ومسارات تهريب مختلفة خاصة من شرق أفريقيا، بشكل يحد من قدرة جماعة الحوثي على استهداف المملكة ويشكك في إمكانية استمرارها في القتال على الجبهات الداخلية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن شن عمليات عسكرية برية على معاقل الجماعة من جنوبالمدينة بالإضافة إلى التقدم من غربها قد كشف عن استخدام الجماعة لمتفجرات ومواد ناسفة إيرانية الصنع وهي متطابقة مع المتفجرات التي تستخدمها الميليشيات الإيرانية والتابعة لها في سورية والعراق. إذ أن كشف هذا التطابق وإبرازه إعلامياً في المنظمات الإقليمية والدولية يزيد الضغط على النظام الإيراني وعلى العواصم الأوروبية التي تدفع بكل ما لديها لعرقلة التوجه الأميركي - العربي لإعادة العقوبات الدولية على النظام الإيراني. وليس ذلك بحسب، فإن ذلك المسعى قد يردع الشركات الأجنبية والمؤسسات الاقتصادية العالمية من أي تحدٍّ قد تُقدم عليه فيما يخص الالتفاف على العقوبات لما سيحتويه ذلك من خطر غير مسبوق. كما تلعب العملية العسكرية دوراً في تهيئة الوضع أمام المبعوث الأممي مارتن غريفيث كي يتقدم برؤيته إلى مجلس الأمن الدولي بخصوص إحياء المفاوضات اليمنية ووضع النقاط التي ستحدد مسار العملية السياسية في اليمن، إذ طلب المبعوث الدولي مهلة زمنية من المجلس لحين إتمام ورقته، في حين أن نجاح العمليات في محافظة الحديدة يمثل فرصة لانطلاقة مشجعة لجولة مفاوضات جديدة بين الأطراف السياسية اليمنية تضمن نزع سلاح جماعة الحوثي الثقيل والعودة إلى مقررات الحوار الوطني وقواعد المبادرة الخليجية. بالإضافة إلى ذلك، تظهر إمكانية لرفع وتيرة العمل الإنساني داخل اليمن في حال تم تحرير المدينة ومينائها من أيدي جماعة الحوثي، إذ يستقبل ميناء المدينة ما يقارب 40 ألف طن من الغذاء والمساعدات الإنسانية شهرياً وهو ما يجعله الميناء الأول والأهم في خارطة الممرات الإنسانية للداخل اليمني. ومن شأن نجاح العملية ضمان استدامة إدخال المساعدات للمناطق اليمنية القريبة من الحديدة، كما أن تحرير المدينة من سيطرة الجماعات المسلحة سيضع المسؤولية على الأممالمتحدة كي تتقدم بخطة لإدارة الميناء أو بتطويره كي يستقبل كميات أكبر من المساعدات وتزويده بالمعدات اللازمة لتسريع عملية تصريف تلك المساعدات. بالإضافة إلى ذلك فإن تحرير المدينة وإعادة الأمن والاستقرار إلى أوضاعها من شأنه أن يفتح نافذة اقتصادية جديدة لزيادة واردات الحكومة الشرعية ورفع شعبيتها داخل مناطق وسط اليمن، إذ يعتبر ميناء الحديدة الأكبر في اليمن من حيث استقباله لأكثر من 50 % من الواردات الغذائية لليمن مما قد يساهم في تحقيق استقرار نسبي لأسعار السلع في الداخل. كما يوفر هذا الأمر الفرصة للحكومة كي تعيد تشغيل ميناء رأس عيسى الذي يرتبط بخط أنابيب للنفط من محطة صافر في مأرب، كما أن تنشيط حركة التجارة في المحاصيل الزراعية من مناطق سهل تهامة في اليمن يعزز ميزانية الحكومة ويدعم سيطرتها على الأوضاع الاقتصادية في اليمن. Your browser does not support the video tag.