دخلت معركة مطار الحديدة مراحلها الأخيرة؛ وأصبح الجيش اليمني الوطني والمقاومة الشعبية؛ المسنودين من التحالف العربي؛ قاب قوسين أو أدنى من السيطرة الكلية على المطار؛ وعزل الميليشيات الحوثية عن محيطه. بالرغم من أهمية السيطرة الكلية على المطار؛ كمرحلة أولى في طريق السيطرة على ميناء الحديدة؛ إلا أن الإسناد الجوي لقوات التحالف بات أكثر حذراً في التعامل مع الموقف العسكري؛ تجنباً لسقوط عدد كبير من الضحايا؛ وهو ما لا تريده قيادة التحالف؛ وتستميت من أجل حدوثه ميليشيا الحوثي الإيرانية التي رفضت استثمار الممرات الآمنة لخروج مقاتليهم بسلام؛ ورفضت في الوقت عينه مساعي مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن «مارتن غريفيث» بتسليم المدينة ومينائها سلمياً، والخروج الآمن مع الاحتفاظ بالمساعدات الإغاثية المخزنة. حذر قوات التحالف في عملياتها العسكرية له ما يبرره؛ وإن تأجلت ساعة الحسم؛ فالمواءمة بين المحور العسكري والسياسي والإنساني غاية في الأهمية؛ لتفويت الفرصة على المتربصين بالمملكة وحلفائها؛ والمشككين في أهدافهم الداعمة لأمن وإاستقرار اليمن. كسب الرأي العام الدولي؛ من خلال استنفاد جميع الحلول السلمية والمبادرات الإنسانية قبل السيطرة على الحديدة أمر غاية في الأهمية؛ لوقف التدخلات السياسية الرامية إلى تعطيل الحسم العسكري وإبقاء الوضع على ما هو عليه من أجل إستنزاف المملكة وقوات التحالف؛ وتمكين الحوثيين سياسياً برغم هزيمتهم النكراء. فشل مهمة «غريفيث» ربما عجلت في المواجهة؛ وتسريع عملية تحرير الحديدة؛ التي تعتمد عليها ميليشيا الحوثي الإيرانية في تلقي الإمدادات العسكرية من إيران والتموينية من المنظمات الدولية. أهمية الحديدة من الناحيتين العسكرية والإستراتيجية لا يمكن إغفالها؛ إلا أن أهميتها الموازية تبرز في تمكين برامج المملكة الإغاثية والتنموية؛ وإيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها؛ بعد أن حولت ميليشيا الحوثي الإيرانية ميناء الحديدة إلى مركز تخزين للمساعدات وإعادة بيعها لليمنيين المعوزين؛ في السوق السوداء التي أنشأتها قيادات الميليشيا تحت أنظار المؤسسات الدولية التي لم تكتشف أهمية المساعدات الإنسانية إلا بعد أن بدأت ميليشيا الحوثي في الانهيار السريع. تحرير الحديدة سيسهم بشكل مباشر في دعم الجهود الإنسانية التي استخدمها المجتمع الدولي شماعة لمعارضة تقدم قوات التحالف وتحرير المدينة ومينائها المهم؛ وسيقود إلى تطهير الميناء وتحويله إلى بوابة آمنة لرسو سفن الإغاثة وتحرير المحتجز منها؛ وتدفق المساعدات الإغاثية والإنسانية ليس لسكان الحديدة فحسب بل للمحافظات القريبة أيضاً. سيطرة قوات التحالف على الحديدة ومينائها البحري سيضمن تفعيل البرامج الإغاثية والتنموية التي تعتزم المملكة تقديمها للشعب اليمني؛ استكمالا لما قدمته من قبل؛ الذي تجاوز حجمه 12 مليار دولار حتى الآن. جهود إنسانية وتنموية سعودية لا يمكن تفعيلها؛ وضمان منفعتها واستدامتها؛ بمعزل عن طرد ميليشيا الحوثي؛ وتطهير المحافظات اليمنية منها؛ وهو ما تسعى قوات التحالف لتحقيقه.