تعددت البرامج الاجتماعية على أبرز المحطات الرسمية أو سعودية الهوية وما زالت الموضوعات حتى اليوم غير متعددة، وكأن دور البرامج الاجتماعية هو التحدث عن قضايا الساعة نفسها وليس عن القضايا الاجتماعية المحورية المختلفة التي كانت وما زالت مهمشة غالباً لصالح قضايا غير المحورية. البرامج الاجتماعية الأبرز على الساحة السعودية اليوم متشابهة تماماً، فكراً ومضموناً، فالضيوف هم الضيوف والمواضيع هي المواضيع، والنتائج معدومة، ومؤخراً على سبيل المثال اجتمع برنامج "تم" على القناة الأولى وبرنامج "معالي المواطن" على نفس الموضوع تقريباً وهو الإيذاء والتعنيف، وقبل أيام اجتمع برنامج "الراصد" و"معالي المواطن" على قضية الزوجة المتوفاة، واشترك معهم برنامج "يا هلا" في الكثير من الملفات أيضاً، ولا ننسى قضية "الجرب في مكة"، أي أن القضايا نفسها على طاولة نقاش كل البرامج دون تقديم أي حلول، فالجميع يبحث عن المشكلة دون إنهائها أو محاولة ذلك، حيث تحولت مواقع التواصل للمصدر المشترك بين كل تلك البرامج، وأصبحت العديد من القنوات والبرامج تتبع هذه المواقع وما ينشر فيها من معلومات وأفكار وهاشتاقات، ربما تقودهم إلى خبر أو قصة مهمة. بينما الأصل في البرامج الاجتماعية هو متابعة القضايا المجتمعية، وليس ملاحقة نفس الفكرة، وهذا ما يحدث مؤخراً في هذه البرامج التي بدأ العديد منها بشكل صحيح، ولكن اختلف مساره مع الوقت، والمنافسة الوحيدة قائمة على الإعداد من نفس المصادر وبذات الآلية وليس على الفكرة، لأن الأفكار تُطرح بنفس الطريقة ولا يوجد أي اجتهاد حتى يتم طرحها بطرق مختلفة ومن زوايا جديدة لم تخطر على بال المشاهد أو المسؤول، أو لم تناقش بنفس الطريقة في برامج أخرى. وقد تكون ظاهرة تعدد البرامج الاجتماعية في الخارج بحد ذاتها أمر إيجابي للغاية، ولكنها في العالم العربي تسير عكس المفترض بسبب قلة المصادر وتشابه الأفكار والمحتوى، ففي مصر مثلاً نرى وائل الإبراشي يقدم نفس ما يقدمه محمود سعد وهو نفس ما يطرحه عمرو الليثي ويتكلم عنه عمرو أديب، كلّ بطريقته.. ولكن هذا التعدد لم ينجح بل تسبب في تشويش وملل كبير لدى الجمهور، وقلل من نسبة الاهتمام، ولذلك شرعوا في البحث عن برامج اجتماعية أخرى تدور حول محاور مختلفة كبرنامج "صبايا الخير" لريهام سعيد التي تسبح عكس التيار وبرغم ذلك استطاعت أن تحقق أعلى أرقام مشاهدة في الوطن العربي، وتمكّنت من تقديم ما يختلف عن الجميع فحظيت باهتمام المشاهدين، رغم كل أخطائها الكارثية التي وضعتها أمام القضاء كثيراً، وكان من الأفضل لو فاز بهذا الاهتمام إعلامي آخر أقل مشاكسة وأكثر حرفية. أسباب أخرى قد تقف أيضاً خلف فوضى مواضيع البرامج الاجتماعية، أهمها تحول اهتمام الفضائيات من المحتوى إلى "المذيع النجم"، فالتركيز أصبح على المذيعين أكثر من البرامج، ولذلك لم تعد الفضائيات تفرض آلية عمل معينة بل تكتفي بوجود هذا المذيع النجم، وأكبر شاهد على ذلك الكيفية التي تناول بها الإعلام خروج معظم نجوم برامج "التوك شو" الاجتماعية من محطات اعتادوا على التواجد بها إلى محطات أخرى، حيث كنا نرى الإعلام يركّز على غياب المذيع دون أن ينتبه إلى فكرة غياب البرنامج من الأساس أو موقف المحطة!. ومن واقع ما نشهده اليوم، فلا يمكن لغالبية هذه البرامج أن تساعد على حل المشكلات التي تعاني منها المجتمعات العربية، بل باتت تعطي مفاعيل عكسية بخلق بلبلة في أوساط الرأي العام، مما يستدعي وقفة تقييم لمضمون برامج "التوك شو". خالد العقيلي.. برنامج «تم» عبدالله الغانمي.. برنامج «الراصد» Your browser does not support the video tag.