تفاؤل واسع يجتاح المشهد النفطي مؤخراً بتحسن أسعار النفط ووصولها إلى مستويات جديدة منذ ما يقارب العامين. يأتي على رأس المحفزات الإيجابية للسوق تصريح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء الذي أكد فيه استعداد المملكة لتمديد اتفاقية خفض الإنتاج التي أثبتت جدواها بإعادة التوازن بين العرض والطلب. تقنياً فإن بيانات أسعار النفط توضح أن معدل سعر برميل النفط على مدى الخمسين يوماً السابقة هي أعلى من معدل سعر برميل النفط على مدى المئتي يوم السابقة أي ما يسمى بالعبور الذهبي وهو مؤشر فني يحدث عندما يعبر متوسط السعر على المدى القصير فوق المدى الطويل. حدث أول عبور ذهبي خلال الثلاث سنين الماضية قبل ما يقارب الأسبوعين. شكل ذلك أول تحول في معنويات السوق مدعوماً بالبيانات التقنية. في جانب السوق فإن تقارب بيانات الطلب والمعروض يثبت أن السوق أصبح محكماً أكثر من معدلات الأربع سنوات. هذا الأحكام في السوق جاء نتيجة خفض المخزونات العالمية وشبه اختفاء للمخزونات العائمة بالإضافة إلى زيادة في الطلب أكبر مما كان متوقعاً بداية العام الجاري. تظل المخزونات النفطية الأمريكية هي الاستثناء الوحيد حيث لا تزال مرتفعة نسبياً إلا أن بيانات التصدير الأمريكية المرتفعة مؤخراً تدعم تسارع انخفاض المخزونات الأمريكية. الأسواق المالية وتحديداً أسواق الآجل تعكس وضعية ال backwardation وهي عندما يكون سعر الآجل أقل من سعر الحاضر. هذه الوضعية تحمل ميزتين لأسواق النفط فهي أولاً تسرع من التخلص من التخمة وثانياً تحد من تحوط المنتجين ذوي التكلفة الباهظة من الرهان على أسعار المستقبل. بصفة عامة فإن الأسواق المالية تلحظ تزايداً ملموساً على الطلبات الآجلة وهو ما يبعث ثقة أكبر في أسواق النفط. من المحفزات أيضاً لأسعار النفط الظروف الجيوسياسية في شتى أصقاع العالم والشرق الأوسط على شكل الخصوص. كما أن إعلان نتائج الربع الثالث لشركات النفط الكبرى جاءت إيجابية جداً لأسعار النفط. الكثير من الشركات حققت أفضل نتائج للربع الثالث على مدى بضع سنوات. الصناعة النفطية في بيئة سعرية تدعم الاستثمار في المشروعات الكبرى. كل هذه الإيجابيات يجب ألا تغفل المتابع لأسواق النفط من المخاطر التي قد تؤثر في أسعار النفط. على رأس هذه المخاطر هو افتراض أن اتفاق دول أوبك مع الدول من خارج أوبك سيتم تمديده تلقائياً. فما دام أن هذه الدول لم تجلس على طاولة المفاوضات والاجتماع لم ينتهِ فمن السابق لأوانه افتراض التمديد أو بأي صيغة سيتم التمديد وما هي بنود هذا التمديد. من الواضح أن بيئة الأربعين إلى خمسين دولاراً للبرميل كانت حافزاً كبيراً لزيادة الطلب الملحوظة خلال العام الجاري وهو ما قد يتغير بتغير النطاقات السعرية عند الستين دولاراً للبرميل. من هنا فإن توقعات النمو على الطلب للعام المقبل يجب أن تكون أكثر حذراً. أخيراً فدخول أسعار النفط إلى نطاقات الستين دولاراً للبرميل يعتبر محفزاً لمنتجين النفط الصخري الأمريكي والنفط الباهظ التكلفة بصفة عامة وهو ما قد يرفع الإنتاج لمستويات أعلى من المتوقع فذلك قد يؤثر على زيادة المخزونات من جديد ويغير من وضعية أسواق الحاضر والآجل على حد سواء. عبدالعزيز المقبل