لا يختلف اثنان من ممتهني الإعلام الرياضي في السعودية على أنه أصبح مهنة من لا مهنة له، إذ بات كثيرون يحملون مهنة "إعلامي رياضي" من دون حسيب أو رقيب، فكل ما يحتاجه الواحد منهم اليوم هو أن يذيل اسمه في المعرف الخاص بصفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي بلقب إعلامي، هذا إن كان متواضعاً، وإلا فمنهم من لا يتردد في أن يوشح نفسه بلقب ناقد. عوامل كثيرة ساهمت في فتح حراج مهنة الإعلام الرياضي في الاعوام الأخيرة، من أبرزها الانفتاح الذي شهدته الشبكة العنكبوتية بمختلف منصاتها، وقرار وزارة الإعلام بترخيص المئات من مواقع الإنترنت تحت مسمى "صحيفة إلكترونية"، وهي في غالبها الأعم لا تعدو مجرد دكاكين رخيصة، إلى حد بلغ التساهل في الأمر في أن يرتقي أي أحد إلى منصب رئيس التحرير من دون أن يحتاج حتى إلى سلّم يوصله إليه، إلى جانب ذلك، استسهال برامج القنوات الفضائية في إسباغ الصفات الإعلامية على من "هبّ ودب"، إذ يكفي أن تكون صديقاً لمقدم البرنامج أو معده لتفوز بالمنحة. أكثر ما ساعد في عملية مسخ مهنة الإعلامي الرياضي هو غياب المرجعيات الإعلامية عن الاضطلاع بدورها التنظيمي، سواء في وزارة الإعلام، أو هيئة الصحفيين، وكذلك لجنة الإعلام الرياضي، ما جعل الأمر يستفحل إلى مستوى بلغ بأولئك المتسلقين لأسوار المهنة في المبادرة الذاتية لاستصدار بطاقات من مرجعيات وكيانات دولية، إذ لا يحتاج الأمر أكثر من رسالة إلكترونية ورسم مالي زهيد ليقدم الواحد نفسه عضواً في هذه المنظمة الدولية أو تلك. مؤسف أن يصبح واقع مهنة الإعلام الرياضي لدينا اليوم شبيهاً بواقع مهنة الفن في بعض الدول العربية، فكما شاهدنا "المكوجي" فيها يصبح فناناً مشهوراً، بات لدينا إعلامي برتبة "كهربجي"، وهو الواقع الذي لامسه رئيس مجلس إدارة هيئة الرياضة المستشار تركي آل الشيخ في مؤتمره الأخير الذي أعلن من خلاله إشهار اتحاد الإعلام الرياضي، حينما أشار إلى أنه يحز في النفس أن يجد صحفياً بخلفية كهربائي أو فني مختبرات. هذا الانحدار الخطير الذي بلغه الإعلام الرياضي وإن استحال إلى واقع مسكوت عنه في السنوات الأخيرة، أصبح لزاماً اليوم التصدي له، وهو ما يجب أن يكون من أولويات اتحاد الإعلام الرياضي لدحر الدخلاء على البيت الإعلامي أياً كانوا، لحفظ قيمة المهنة ومكانتها، والثقة مطلقة في الزميل رجاءالله السلمي بصفته ابناً شرعياً للمهنة، وحارساً أميناً عليها.