محمد الشيخ في الوقت الذي كان النصراويون يحتفلون فيه ببطولة الدوري التي عادت إلى خزائنهم بعد غياب دام عقدين من الزمن كان بعض الهلاليين يمارسون عملية تشويش مبرمجة للتعتيم على الإنجاز بالتقليل من قيمته، وذلك عبر التشكيك في استحقاقية الفريق الأصفر له؛ إذ يرون أنه جاء بدعم رسمي من كافة جهات المنظومة الرياضية وفي مقدمتها الأمير نواف بن فيصل، وهو ما بات يتعارفون عليه بعملية "الدفع الرباعي"! هذا المشهد هو صورة طبق الأصل من مشاهد كثيرة عاشها الهلاليون طوال عقود ماضية، ففي وقت كان يستحوذ فيه الهلال على حصة الأسد من البطولات حتى كاد يغلق على نفسه منصات التتويج، كان النصراويون ومن سار على دربهم يغمزون من قنوات التشكيك بأن الهلال ناد مدعوم، وهي التي تمهد له الأرضية وتعبد له الطرق لاكتساح خصومه. هذه الممارسة نفسها طالت الأهلي قبل موسمين حينما كان قاب قوسين من تحقيق لقب بطولة الدوري الذي أضاع الطريق إليه منذ ثلاثة عقود قبل أن يرتمي في حضن نادي الشباب في اللحظة الأخيرة من المنافسة الشرسة بينهما في ذلك الموسم الذي ظل الكثيرون يلمحون تارة ويصرحون أخرى بوجود دعم خفي للأهلي ما جعلهم يستخدمون مصطلح "الذات العام"، وكان لهذا المصطلح تحديداً تداعياته في ذلك الموسم حيث فيه إشارة لوجود الأمير خالد بن عبدالله على رأس الهرم الشرفي في النادي. حتى نادي الاتحاد حينما فرض نفسه على البطولات في بعض المواسم لم يسلم من الهمز واللمز؛ خصوصاً فيما يتعلق بالتشكيك في مسؤولين كبار ولجان وأفراد عاملين داخل منظومة اتحاد الكرة في ذلك الوقت حيث اتهموا بأنهم يعملون لمصلحة رئيس الاتحاد آنذاك منصور البلوي لأجل تسهيل مرور كل ما من شأنه تسهيل مهمة (العميد) نحو الاستحواذ على البطولات. هذا هو مشهدنا الرياضي في كل موسم وقد اعتدنا عليه منذ سنوات بعيدة، غير أن ما يحز في النفس إزاء هذا الواقع المأزوم بنظرية المؤامرة أن عملية تخدير العقل الجماهيري من قبل متطرفي الوسط الرياضي بغية السيطرة على الوعي العام مازالت قائمة رغم اتساع دوائر المعرفة الرياضية والثقافية بشكل عام؛ وهو ما يجعل مسؤولية الواعين كبيرة وصعبة في ذات الوقت. إن رفض نظرية المؤامرة في المنافسة المحلية لا تعني عدم الاعتراف بوجود مشاكل كبيرة وتجاوزات فادحة وأخطاء قاتلة تهدد سلامة المنافسة وتسهم في خلط الأوراق فيها، لكن ذلك لا يعطي المبرر لقبول فكرة أن المنظومة الرياضية مختطفة، وأن هناك غرفة تحكم تحاك فيها المؤامرات وترسم فيها السيناريوهات لمصلحة هذا النادي أو ذاك؛ لأن مجرد القبول بهكذا فكرة تجعلنا نمسخ عقولنا إذا ما ربطنا الأحداث بين بطولة وأخرى، أو بين موسم وآخر، بل بين عقود وعقود غيرها. إن من يقبل اليوم بفكرة التشكيك بعودة النصر للبطولات لاسيما تحقيقه لبطولة الدوري بعد غياب نحو 20 عاماً، وأنها جاءت على إثر "دفع رباعي" فلا يجب عليه أن يرفض فكرة تشكيك النصراويين بأن ابتعادهم عن البطولات طوال تلك السنين إنما جاء بفعل فاعل كما ظلوا يروجون في عملية كان يراد منها غسل أدمغة النصراويين قبل غيرهم!