أكدت أوامر خادم الحرمين الشريفين الأخيرة بفتح معبر سلوى الحدودي رغم المقاطعة للسماح للحجاج القطريين بأداء مناسك الحج، والتوجيه باستضافتهم ونقلهم على نفقته الخاصة للقادمين منهم برّاً عن طريق مطاري الدمام والأحساء، بل وتسيير رحلات استثنائية لنقلهم مباشرة من الدوحة ذاتها.. أكدت حرص الملك على تجنيب ضيوف الرحمن أي تبعات للخلاف الحالي مع قطر وأن المملكة ليست من يستغل الحج أو يقوم بتسييسه كما حاول أعداؤها في أكثر من مناسبة الترويج لذلك. هذه الأوامر والتوجيهات الكريمة كشفت أيضاً عن جناح بالغ الأهمية في الأسرة الحاكمة في قطر بعد دور الوساطة الذي لعبه الشيخ عبدالله بن علي بن عبدالله آل ثاني، فمعظمنا لا يتعدى فهمه لتسلسل الحكم هناك الشيخ خليفة بن حمد – رحمه الله - جد الأمير الحالي، ولا يعرف أن وصوله للحكم جاء بعد انقلاب أبيض على حاكم قطر وقتها الشيخ أحمد بن علي وهو الأخ الأكبر للشيخ عبدالله الذي حكم والده وجده أيضاً الدوحة قبل ذلك. يمثل هذا الجانب المغيب عن ذاكرة القطريين الجزء الأهم من تاريخهم كونه يؤسس لحاضرهم ورحلة استقلالهم عن الاستعمار البريطاني، ومعركة التحول نحو التنمية والرخاء الاقتصادي في المراحل الأولى من اكتشاف النفط في المنطقة. وبقدر ما كان وزير الخارجية القطري يراوغ في التفاعل والترحيب بالقرار السعودي الحكيم، كان يحاول التقليل من جهود الشيخ عبدالله والحديث عن أن مبادرته فردية دون توجيه أو تنازل من القيادة السياسية، وهو بذلك دون قصد يؤكد على مستوى القبول والتقدير الذي يحظى به هذا الشيخ لدى شعبه ومحيطه الخليجي وهو ما تسبب بلا شك في حرج بالغ للشيخ تميم ومن يقف وراءه من تنظيمات ومستشارين همهم الأول إبقاء هذا البلد الجار مهووساً بنزعة التآمر وأحلام السلطة والنفوذ. لذلك لم يكن مستغرباً عليهم إطلاق حملة مناهضة لهذا التحرك الإنساني النبيل، واتهام المملكة بمحاولة دعم تيار بعينه دون آخر متناسين أنّ ما ندعمه حقاً هو الشعب القطري الشقيق الذي قال كلمته وتوجه مباشرة بعد إعلان أوامر خادم الحرمين الشريفين باستضافتهم وتسهيل حجهم نحو الحدود السعودية دون انتظار أي توجيه أو موافقه من السلطات القطرية التي حاولت حرمانه بتعنتها ومكابرتها من أداء هذه الفريضة الإسلامية العظيمة. أتمنى من الديوان الأميري في قطر أن يدرك ذلك قبل أن يعلو نعيق تلك الأصوات التي تنادي بشق الصف الخليجي وخلق الفرقة بين الأشقاء في أركانه، بينما يحلّق القطريون الشرفاء مثل الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني بعيداً عن دائرة عزمي بشارة وتنظيم الإخوان ليحافظ على ما خلفه ..أخوه ..ووالده .. وأجداده.. في بلاده من مجد.