منذ عام 1995م، والسعودية وشقيقاتها الدول الإسلامية والعربية يعانون الأمرين من شقيقتهم الصغرى بعد انقلاب ولد على والده، وبحلم الكبار تغاضى الملوك وصبروا وصابروا، فهي تظل شقيقتهم الصغرى، وستنضج حكومتها يوماً وتعود الى رشدها، ولكن ما لاقته الرياض وأشقاؤها أن شقيقتهم الصغرى كلما زادت عمراً زادت هبالاً، ودعم للثورات والفتن فيهم، فأتى الوقت الذي لم يعد فيه التغاضي والحلم حلاً، فالشقيقة الصغرى ترى في الحلم ضعفا وعجزا. قرارات الرياض جاءت برفقة شقيقاتها وحلفائها، بعد أن بلغ السيل الزبى، فحين يصل الأمر الى أن تتفق مع حاكم دولة في مؤتمر يعد أحد أكبر التجمعات السياسية في العقد الحالي، وتصدم أن هذا الحاكم كان مجرد جاسوس لأعدائك والمتربصين بك، وأنه حليفك وشقيقك يكيد لك ويدعم الفوضى ببلدك. الشيخ تميم هو من طعننا من ظهورنا، هذا صحيح، وتعمدت ألا أكتب اسمه صريحاً لأترك للقارئ الاستنتاج والتحليل، فالقارئ اليوم في المملكة والوطن العربي أصبح واعياً وأكثر فهماً حتى مني ومن زملائي المحللين والباحثين السياسيين. بلا شك أن القرارات الصارمة التي صدرت ستؤثر كثيراً على قطر، من نواحٍ عدة، وخاصة الجوانب الاقتصادية وما يترتب عليها من تأثير على بقية الجوانب الاجتماعية والسياسية وسواها، فالدوحة التي تعاني اقتصادياً من قبل القرارات بحجم ديون خارجية زاد خلال العام الحالي الى نحو 165 مليار دولار أمريكي، وهنا نتحدث عن رقم هو الأعلى إقليمياً، وضخم جداً لو قارناها عالمياً، وكما أن هناك ديون داخلية قدرت بما يزيد على 7 مليار دولار، وبالنظر لتصرفات الدوحة المعلنة بعد قرارات الدول الخليجية والعربية المبدئية، يظهر استحالة استضافة قطر لكأس العالم عام 2022م. وإن كانت حكومة قطر لم تستوعب -حتى موعد نشر المقال- ثقل خساراتها، وأن تصعيدها غير المسؤول سيزيد الطين بلة، فلا ملالي طهران الإجرام ولا الفرق والأحزاب الدينية الضالة سينقذان قطر من الإفلاس والضياع الذي أوصلتهما إليه مراهقة حكامها وصبيانية مستشاريها. على حكومة قطر اليوم أن تستفيد من الدرس القاسي وتعامل شقيقاتها كشقيقة، وأن تتبعد عن السير عكس التيار أو في مواجهة أشقائها من الخفاء.