اعتبر عدد من وسائل الإعلام الأمريكية والكتّاب والمعلقين، امس السبت، أن موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب الصريح المعترف بتمويل قطر للإرهاب يعد إدانة للإدارات الأمريكية المتعاقبة ربما منذ عام 1995، التي «غضت الطرف» عن ممارسات الدوحة، حسب ما ذكر مقال في صحيفة «لوس أنجلوس تايمز». وفي أكثر من تعليق على الشبكات الأمريكية وافق محللون وخبراء إرهاب على ذات التوجه بشكل أو بآخر، مكررين ما ثبت لدى الإدارات السابقة من تمويل قطر للجماعات الإرهابية ومحاولتها ترويج أن مَنْ تمولهم «معتدلون». ويشير مقال «لوس أنجلوس تايمز» إلى أن الإدارات السابقة تساهلت مع ممارسات قطر لكونها لعبت دورا في محاولات إنفاذ سياسة ما سمي ب«شرق أوسط جديد» بما تملكه من أموال طائلة وعلاقات بجماعات مختلفة. وامتد ذلك الدور القطري من العراق إلى سوريا ومصر وليبيا وغيرها، بتمويل الإخوان والجماعات الإرهابية الأخرى وعلى رأسها القاعدة والتنظيمات المرتبطة بها، حتى داعش. وتتراوح تقديرات ما أنفقته قطر على دعم الإخوان وجماعات الإرهاب من عدة مليارات إلى ربما مئات المليارات من الدولارات، إذ تشير الأرقام المختلفة إلى أن تلك التقديرات تزيد بثلاثة أضعاف عن التقديرات المتواضعة. وعلى سبيل المثال، يقدر ما أنفقته قطر على الجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا بنحو مليار دولار على أقل تقدير و3 مليارات دولار حسب التقديرات المعقولة، فما بالك بأقصى تقدير! ورغم أن بعض وسائل الإعلام لجأت إلى التعميم في أن كل الحكومات الغربية تساهلت مع تمويل قطر للإرهاب، إلا أن بعض التصريحات من مسؤولين كبار أشارت إلى هذا الدعم، لكنه لم يصل إلى موقف حكومي صارم وواضح كالذي أعلنه الرئيس ترامب. ففي عام 2014 صرح وزير التنمية الألماني في حوار مع شبكة «زد دي إف» بأن قطر تمول القاعدة في العراق وجبهة النصرة المرتبطة في القاعدة، وكان ذلك متزامنا مع ذبح التنظيم لصحفي أمريكي أسير لديه. لكن محاولة وكالة «رويترز» للحصول على موقف حكومي ألماني بهذا الشأن باءت بالفشل. ويفصل مقال «لوس أنجلوس تايمز»، دون أن يبرر، موقف الإدارات الأمريكية السابقة خاصة إدارة أوباما، وكيف تمكنت من الإفلات بتلك الممارسات التي تجعل «كلفة علاقاتنا بقطر أكبر من فوائدها». ومن الأدوات التي استخدمت في ذلك السياق: «في خطوة علاقات عامة ذكية مولت حكومة الدوحة مؤسسات بحثية غربية ومراكز دراسات بمئات ملايين الدولارات لترويج خرافة الجماعات الإسلامية المعتدلة». هذا بالطبع بالإضافة لظهور زعماء وواعظي تلك الجماعات على قناة «الجزيرة» القطرية ليألفهم جمهور واسع. ويخلص المقال إلى أنه «ومع قطع حلفائنا في الخليج علاقتهم مع قطر يتعين على واشنطن ممارسة الضغط على الحكومة في الدوحة لتختار مع مَنْ تقف؟ وذلك بعدما استطاعت قطر الإفلات بسياستها الخارجية الانتهازية، ذات الوجهين، لزمن طويل». وكانت صحف أمريكية قد تداولت خلال الأيام القليلة الماضية موضوع تمويل قطر للإرهاب والموقف العربي بمقاطعة قطر بعناوين مختلفة. وأوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» في مقالها: «لماذا تقبع قطر في زاوية المشاغبين؟» أسباب عدة للمقاطعة. وكتبت الصحيفة «ليس هناك شك الآن أن الدوحة مولت ميليشيات مختلفة في سوريا، وتدخلت بشؤون داخلية في عدة دول عربية، عبر تبنيها للإخوان المسلمين، خاصة في مصر». أما صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فنشرت مقالا بعنوان «قطر ممولة الإرهاب.. لماذا تصبر عليها الولايات المتحدة؟». وتطرقت الصحيفة لمواقف قطر المتكررة: «تغاضى القادة في العالم الغربي كثيرا عن سجل قطر المشين في حقوق الإنسان داخليا، وتعاملها الحاقد خارجيا». بينما نشرت صحيفة «يو إس أيه توداي» مقالا بعنوان: «قطر كانت عميلا مزدوجا في الحرب على الإرهاب». وأوضحت الصحيفة عنوان المقال قائلة: «لعبت قطر دورا في تأمين قاعدة للقوات الأمريكية وقوات التحالف.. لكنها في نفس الوقت، أصبحت داعما رئيسا لمنظمة الإخوان المتطرفة.. كما قامت بعقد علاقات مريحة، سياسية واقتصادية، مع إيران». ونشرت «نيوزويك» مقالا بعنوان: «طفح كيل حلفاء قطر في الخليج من الوعود الكاذبة». وقارنت الصحيفة بالأزمة التي وقعت عام 2014، عندما ساندت قطر والإعلام القطري الإخوان المسلمين وزعزعتهم للاستقرار الداخلي في المنطقة. ورغم انصياع قطر لبعض القرارات وقتها، ها هي تعود لتتبنى جهات وعناصر إرهابية عديدة. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد قال في مؤتمر صحفي بواشنطن يوم الجمعة: إن للدوحة تاريخا في دعم الجماعات المتطرفة، داعيا قطر إلى التوقف الفوري عن تمويل هذه الجماعات. وقطعت دول عدة على رأسها المملكة والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر بسبب دعمها للإرهاب وتمويلها تنظيمات متشددة تقوض أمن المنطقة.