لم يكن أحد يتمنى أن يصل التوتر في العلاقة بين دول مجلس التعاون ودولة قطر الى مرحلة قطع العلاقات. لكن قطر كانت منذ سنوات تنتهج سياسة عدائية وخاصة ضد المملكة. استمرت هذه السياسة لسنوات رافقها صبر وحكمة من قيادات المملكة حرصا على وحدة الصف ليس على مستوى الخليج فقط ولكن على المستوى العربي لحمايته من تدخلات خارجية لا تريد له الخير والاستقرار. لم تكن المشكلة مع قطر في تصريحاتها التي أعقبت قمم الرياض لكنها تراكمات مواقف عدائية أصرت قطر على المضي فيها رغم خطورتها على الجميع وعلى وحدة الخليج والأمن العربي بشكل عام. حيثيات قرار المملكة بقطع العلاقات توضح أن المملكة العربية السعودية انطلقت في قرارها من حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي وحماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف. ولمزيد من التوضيح والتفصيل في الحيثيات يشير البيان الى أن المملكة اتخذت قراراها نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة سرا وعلنا طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف، وفي مملكة البحرين الشقيقة. أما في قضية اليمن فكيف يمكن السكوت عن دعم السلطات في الدوحة لميليشيات الحوثي الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن كما جاء في حيثيات قرار قطع العلاقات. إن بيان قطع العلاقات بهذه الصياغة القوية لا يمكن أن يأتي من فراغ أو كرد فعل على مواقف جديدة، ولكنه يستند الى حقائق ويشير الى أن المملكة العربية السعودية منذ عام 1995 بذلت وأشقاؤها جهودا مضنية ومتواصلة لحث السلطات في الدوحة على الالتزام بتعهداتها والتقيد بالاتفاقيات، إلا أن هذه السلطات دأبت على نكث التزاماتها الدولية، وخرق الاتفاقات الموقعة مع دول مجلس التعاون بالتوقف عن الأعمال العدائية ضد المملكة والوقوف ضد الجماعات والنشاطات الإرهابية، وكان آخرها عدم تنفيذها لاتفاق الرياض. القضية القطرية ليست جديدة، والحرب الإعلامية على السعودية بدأت منذ سنوات. ورغم الجهود المبذولة المتكررة لتعزيز الإجماع العربي والإسلامي وكان آخرها قمم الرياض إلا أن قطر تصر على سلوك طريق آخر مغاير لما يتم الاتفاق عليه. وتستمر في القيام بدور مشبوه، وتتعلق بطموحات غير واقعية. وإذا كان من حق أي دولة أن يكون لها رأيها المستقل وإدارة سياستها كما تشاء، فليس من حقها تبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن. ليس من حقها تأجيج الفتنة عبر وسائل إعلامها بهدف إحداث بلبلة في الداخل السعودي. وليس من الأخوة والنبل التعاون مع عدو صريح يبث الفتنة الطائفية والأذرع العسكرية داخل الوطن العربي في تعارض مفضوح مع الأهداف والاتفاقيات المشتركة التي توقع عليها قطر. على الصعيد الإعلامي كانت قناة الجزيرة ومازالت وسيلة لبث سياسة عدائية واضحة ضد السعودية. وهي قناة تعبر عن قمة التناقض بين ما تزعم أنها تسعى إليه مثل الديموقراطية وبين واقعها الذي تنطلق منه ! قطع العلاقات مع قطر هو إعلان بنهاية المواقف الرمادية والسياسات المتناقضة، هو بيان لقطع العلاقة مع سياسة متآمرة، وليس مع شعب. بيان يوضح أن المملكة صبرت طويلا رغم استمرار السلطات القطرية على التملص من التزاماتها، والتآمر عليها، كما جاء في البيان. العلاقات بين الدول التي تجمعها الأهداف المشتركة وتوحدها عوامل الدين والتاريخ واللغة والجغرافيا تحرص على التمسك بهذه المقومات لتحقيق الأمن والسلام والتنمية التي تخدم الجميع. وعندما يصر أحد أعضاء هذه المنظمة على العبث بأهم عناصر القوة وهو الأمن في مخالفة صريحة متكررة للمبادئ والأهداف المتفق عليها، عندما تكون لأحد الأعضاء أجندة خفية فإن الثقة والحكمة والصبر والمجاملة تستقيل بحثا عن قرارات حاسمة.