انتشرت في الآونة الأخير في الحوار والتخاطب بين الناس عبارة (اللي قاعد يصير)، أسمع هذه العبارة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية في موضوعات مختلفة. لو سألت أحدهم عن الحرب العالمية الثالثة، أو عن مباراة في كرة القدم أو أسعار الطماطم، فلا تستغرب أن يبدأ الرد بتلك العبارة.. ويمكن يقول: اللي قاعد يدور في السوق. كيف قاعد ويدور؟! كلمة (قاعد) في الغالب كلمة زائدة لا يؤثر حذفها على المعنى.. مثلا لو قلت: اللي قاعد يصير هو سلوك الناس في الإسراف والتبذير.. ولو قلت اللي يصير هو الخ لا يتغير المعنى. أما غير المقبول فهو ربط الأشياء السيئة بالأشياء الجميلة. سمعت أحد الشباب يقول بكل تذمر (أم الحر) تعبيرا عن حرارة الجو المرتفعة. وآخر يقول (أم الفوضى) اللغة الجديدة -والمقصود لغة الشارع- انتشرت في دول عربية وغير عربية. مصر على سبيل المثال انتشرت فيها مصطلحات جديدة ابتكرها الشباب وتطرق إليها الأستاذ يوسف معاطي في كتاب ساخر بعنوان: (كلام أبيح جدا) أحد فصول الكتاب يحمل عنوان (لغتنا الجديدة). في هذا الفصل يستعرض الكاتب بعض الكلمات والتعبيرات التي يستخدمها الجيل الجديد باللغتين العربية والانجليزية وينتقدها بطريقة ساخرة. يتذمر الكاتب من استخدام اللغة الانجليزية في الحوارات اليومية بين الناس وبين أفراد العائلة. إليكم هذا المشهد من الكتاب: (نازل من بيتي لابس البالطو وبأ قول لأمها: الجو ملبد بالغيوم.. فيها حاجة دي قلت نكتة أنا؟ تقوم مقصوفة الرقبة (بنتنا) مسخسخة على روحها من الضحك. بابي بيقول ايه؟ ملبد.. ها ها.. ده بابي يضحك بشكل! إيه الغيوم دي بأه.. هاها. آه ملبد بالغيوم يا جاهلة يللي ما تعرفيش الألف من كوز الذرة. مش شايفه السحاب وهو في السما.. مش عارفة الغيوم؟! ما تقول -كلاود- يا بابا وتخلص.. لازم ملبد.. وبإيه؟ هو قال إيه يا مامي.. ها ها). يعلق الكاتب على سيطرة اللغة الانجليزية (الشيء الغريب أن مصر بعد ما قامت ثورة يوليو واستقلت والانجليز سابوها ومشيو.. خذو معاهم اللغة العربية).. ويستمر الكاتب في تعليقاته فيقول: أما اللغة الجديدة باللغة العربية فهي كثيرة ومنها على سبيل المثال (فلان ده حد جميل) المقصود إنسان جميل. ويمكن تطعيمها بكلمة (بجد) خذ مثلا من نفس الكتاب (آنت حد مختلف بجد.. وأنا أول ما قريتلك بجد حسيت بجد إنك بجد حد حقيقي). أختم بملاحظة حول استخدام اللغة الإنجليزية في البلاد العربية، ولست ضد استخدام هذه اللغة في مواضيع علمية أو إدارية أو الاستشهاد بعبارات بنصها الأصلي حرصا على وضوح المعنى وحذرا من ترجمة غير دقيقة. وأنا شخصيا أستخدم هذه اللغة إذا دعت الحاجة. المشكلة ليست هنا ولكن في المبالغة في استخدام تلك اللغة بمناسبة وبدون مناسبة. الملاحظ أن اللغة الانجليزية تستخدم لأسماء المحلات والمؤسسات التجارية، وأسماء البرامج التلفزيونية والإذاعية وكأن لغتنا عاجزة. ولاحظت مؤخرا في زياراتي لإحدى الفعاليات الطلابية في إحدى الجامعات أن معظم مسميات المحلات كانت باللغة الانجليزية. في هذه الحالة نحن لسنا أمام مشكلة فردية أو حرية فردية، وإنما أمام قضية وطنية سيادية.. فلتتحدث شوارعنا باللغة الإنجليزية، ولكن كلغة ثانية وليس لغة أولى.