عندما يتردد على مسامعنا كلمة جدري الماء نتذكر مرض الطفولة الخفيف والشائع والذي يلتقطه معظم الأطفال في مرحلة ما من مراحل حياتهم، فمنذ العهود القديمة كان يعتبر مرض الجدري من الأمراض المزمنة والقاتلة، وذلك قبل تطور الطب والعلم الحديث ولمرض جدري الماء موسم انتشار، حيث ينتشر بشكل كبير خلال فترات الربيع والصيف نتيجة سهولة نقل العدوى بين الأسرة الواحدة وبين الأطفال خاصة، ولكن قد يختلط على الأهل بين إصابة أطفالهم بجدري الماء وبعض الأمراض الأخرى، فهناك بعض الأمراض التي بها بعض التشابه بجدرى الماء مثل: الهربس، الحصف أو قرص الحشرات أو البعوض وغيرها ويتم معرفة التشخيص من قبل طبيب الجلدية المختص. (العنقز) أو ما يسمى علمياً جدري الماء هو التهاب فيروسي معدي جداً، يظهر كحبوب ممتلئة بسائل، يسبب حكة في أنحاء الجسم وفي الأغشية المخاطية (مثل الفم، الأنف، الحلق والمهبل)، وليس له عمر معين حيث يمكن أن يظهر جدري الماء في أي عمر، لكنه يصيب الأطفال ما دون العاشرة في الغالب، من أسمائه الشائعة (الشعبية في مجتمعاتنا العربية): شنيتر، عنقز، برجم، جديعة، الحماق. وينتقل فيروس العنقز بطرق سهلة، من خلال الهواء (بالتنفس آو العطاس أو السعال)، أو من خلال ملامسة الجلد المصاب بحبوب العنقز، أو باستعمال الأغراض الشخصية الخاصة بمصاب بالعنقز وتسمى الفترة ما بين دخول الفيروس للجسم وبدء ظهور أول علامات المرض فترة الحضانة، وبالنسبة لفيروس العنقز فإن فترة الحضانة الخاصة به تتراوح من أسبوع إلى 3 أسابيع - أي من 8 إلى 21 يوما - وغالبا ما تظهر العلامات بعد أسبوعين من دخول الفيروس. ولكن الفترة التي يعتبر فيها فيروس العنقز معدياً، هي قبل يومين من ظهور الحبوب (الأعراض) ولمدة لا تقل عن أسبوع، وتستمر حتى تجف كل الحبوب وتتقشر، وذلك بخلاف الاعتقاد الخاطئ لدى كثير من الناس بأن فترة العدوى بفيروس العنقز هي فترة تقشير الحبوب، ولدى الأطفال الأصحاء تنتهي فترة العدوى عادة خلال 7 أيام، لكنها قد تحتاج وقتا أطول لدى الكبار ولدى المصابين بالسرطان وهناك أعراض تصاحب فيروس العنقز، مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم، صداع، إرهاق وشعور عام بالتعب، حكة في الجلد، فقدان للشهية، وهذه الأعراض تظهر عادة قبل ظهور الحبوب في الجسم بمدة تتراوح بين 24 - 48 ساعة.. ولعلاج العنقز تستخدم عادة العلاجات المساندة وذلك مثل علاج أو تخفيف الحكة الجلدية، استخدام كريم موضعي خاص (حسب وصفة الطبيب) على الحبوب، استخدام علاج عن طريق الفم لتخفيف الحكة، معالجة ارتفاع درجة الحرارة باستخدام خافض للحرارة ولتخفيف الآلام (خاصة آلام الفم)، ولكن يمنع استخدام الاسبرين للأطفال المصابين حيث أنه من يمكن أن يسبب أضراراً خطيرة على الدماغ والكبد بالمستقبل (ما يسمى بمتلازمة ري)، كذلك يعالج العنقز من خلال المضادات الحيوية، في حين أنه في حالة الأطفال الذين يعانون من ضعف المناعة فإنه يجب مراجعة أو الاتصال بالطبيب فوراً، حيث يتم استخدام مضاد فيروسي خاص عن طريق الوريد، ويتم التنويم في غرف العزل الخاصة. في معظم الأحيان لا يحتاج جدري الماء إلى عناية خاصة ولكن في حال عدم التأكد من تشخيص المرض بأنه عنقز، أو كانت هناك استفسارات معينة، فيجب الاتصال على الطبيب، أو في حال ظهور الأعراض التالية: * ارتفاع درجة الحرارة (39.4 - 40 مْ ) * صعوبة في التنفس. * صعوبة في المشي وفي التوازن مع دوخة * احمرار وألم جراء التهاب حبوب العنقز أو ظهور قيح وصديد من الحبوب. أما بالنسبة للأطفال ضعيفي المناعة، فإنه يجب على الأهل إحضارهم إلى المستشفى فور ظهور حبوب العنقز أو ظهور طفح جلدي غير عادي وذلك بعد إبلاغ الطبيب، جدري الماء (العنقز) لا يعتبر مرضاً خطيراً لكنه قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب ذات الرئة، التهاب خلايا المخ (التهاب الدماغ)، التهاب بكتيري لحبوب العنقز والجلد المحيط. علاج الطفل يحتاج إلى ابتعاده عن الإرهاق، ويحتاج الراحة التامة لمدة عشرة أيام على الأقل وحتى لايؤدي إلى إصابة أطفال آخرين بنفس المرض وحتى يتم علاجه ولذلك يوصي أطباء الجلدية بحصول الطفل على إجازة من المدرسة وذلك حتى يتم العلاج بطريقة صحيحة أما في البيت، فيجب تجنب تعريض أطفال آخرين للتلامس المباشر مع مريض جدرى الماء، وتجنب تعريض المرأة الحامل للمريض بطريقة مباشرة ومستمرة. وعادة يصاب الشخص بفيروس العنقز مرة واحدة في عمره، ولكن الفيروس يبقى في الجسم ساكنا (غير نشط) قد ينشط مرة أخرى في مراحل العمر المتقدمة على شكل طفح جلدي يسمى بالحزام الناري، فوق عمر 50 سنة، مسبباً ألم، حرقان، حكة، التهاب وظهور الحبوب، كما أن هناك احتمالاً بتكرار إصابة ضعيفي المناعة بالعنقز أو الحزام الناري، لقلة مقاومتهم للأمراض. ويوجد لقاح ضد العنقز يساعد على تكوين مناعة جسدية (يمكن سؤال طبيب الأسرة عن هذا اللقاح)، لكنه لا يعطى بشكل اعتيادي لمرضى السرطان إلا بعد استشارة الطبيب المعالج. * قسم التثقيف الصحي