مع التزايد الكبير في أعداد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية فيها ولا سيما "تويتر"، انفتحت ساحة لا حدود لها لمناقشة كل قضايا المجتمع السعودي بلا استثناء، وتوفرت نوافذ واسعة لكل هؤلاء المستخدمين لشبكة "تويتر" لطرح أرائهم وانتقاداتهم وشكاويهم ومقترحاتهم والترويج لأفكارهم وقناعاتهم دون قيود، تجاه أصعب القضايا وأكثرها تعقيداً ليتحول "تويتر" بمرور الوقت إلى برلمان شعبي يتسع فضاؤه اللامتناهي للجميع للتعبير عن رأيه بكل صراحة وجرأة ومحاولة حشد المؤيدين له واستقطاب من يشاركونه الرأي لتشكيل قوة ضغط أو ترويج له. وما أكثر الشواهد والوقائع التي تثبت أن الاستخدام السعودي لتويتر كشف بوضوح ما يشهده المجتمع من متغيرات ومستجدات جوهرية كما كشف بوضوح بعض التناقضات الطبيعية الناجمة عن اختلاف وجهات النظر وتعارض المصالح والخلفيات الثقافية والفكرية لفئات من المستخدمين بما في ذلك المقيمين على أرض المملكة على اختلاف ثقافاتهم والبيئات التي جاؤوا منها، ووصل الأمر إلى حد أن أصبح "تويتر" مرآة" كبيرة للمجتمع السعودي والميدان الأرحب لكل من يريد رصد ودراسة واقع المملكة وتوجهات الرأي العام فيها تجاه الكثير من القضايا والظواهر الاجتماعية بدءاً من قيادة المرأة للسيارة وصولاً إلى تدني أداء بعض الوزارات والاجهزة الحكومية وقصور الخدمات في بعض القطاعات والتي تثار حولها حوارات ساخنة في فضاء "تويتر" الواسع الذي لا يخضع لأي ضوابط والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الاستخدام الإيجابي لتويتر أسهم في مرات كثيرة في إيجاد حلول عاجلة لبعض المشكلات التي طرحها رواد ومستخدمو تويتر خلال السنوات القليلة الماضية وكشف أخطاء وتقصير بعض المسؤولين والعاملين في أجهزة حكومية ووضعها أمام أعين ولاة الأمر ليتم اتخاذ إجراءات حاسمة بشأنها، كما كشفت أطروحات مستخدمي "تويتر" بعض الممارسات التي تمثل فساداً مالياً وإدارياً، وفي المقابل فإن بعض استخدامات "تويتر" في المملكة جعلت منه ساحة للصراع والسجال وإثارة نعرات قبلية وافتعال معارك بين أصحاب أيديولوجيات مختلفة، كما أعزت بعض الباحثين عن الشهرة الزائفة بطرح أفكار وآراء شاذة وغريبة وتتنافى وتقاليد المجتمع لمجرد خطف الأنظار واستقطاب المعجبين، والأخطر أن تويتر أصبح ميداناً تتنافس فيه جماعات أيدلوجية ذات أفكار معينة لحشد واستقطاب الشباب والتأثير فيهم بما يعزز من قواتها وحضورها ويسهم في نشر أفكارها وهو ما يمكن أن يكون له عواقب وخيمة إذا تحول خلاف الرأي على تويتر إلى صراع فعلي على الأرض ولا سيما أن كثير من مستخدمي "تويتر" من الشباب الذي يتحمس لفكرة أو موقف لمجرد إعجابه بمن يطرحه دون امتلاك الوعي الكافي لتمحيص الرأي أو الفكرة أو عرضها على ميزان العقل الناقد وهو أمر يجب التنبه له جيداً حتى لا يتحول فضاء تويتر إلى ساحة للمعارك أو ميدان للخلاف البغيض الذي يضر بوحدة المجتمع وتماسكه فهل نعي ذلك جيداً ونحن نمارس حرية الرأي والتعبير على تويتر وكل شبكات التواصل الاجتماعي.