نحو 11.4 مليون مستخدم للشبكة العنكبوتية في المملكة يعتقدون أن الإنترنت أصبح جزءاً أساسياً من حياتهم الشخصية. وأظهر تقرير صدر عن الهيئة السعودية للاتصالات وتقنية المعلومات مؤخراً أن ما نسبته 90% من المستخدمين مقصدهم الأول مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، خاصة بعد تحولها في الفترة الأخيرة لساحة مؤثرة جدا لطرح الأفكار والآراء وملتقى للنقاشات المتنوعة التي تجمع مختلف الثقافات؛ الأمر الذي دفع البعض للمطالبة بوجود رقابة على استخدام هذه المواقع أيا كانت!. فلترة وليست رقابة وتعتقد الأخصائية الاجتماعي النفسية منيرة الذويب أن الرقابة الاجتماعية التي يقوم بها الأهالي تجاه أبنائهم من الرقابات الصحيحة التي يحتاجها المجتمع خاصة وسط المراهقين والمراهقات، مشيرة إلى أنها تفضل أن تسمى هذه الرقابة ب "الفلترة" أو تصفية الأفكار لأن كلمة رقابة حادة وتدل على منع الرأي الذي كفله الله سبحانه وتعالى للكل، وتضيف "بعض هذه المواقع يعلم معنى الحرية الفكرية بشكلها الصحيح بينما هناك فئة أخرى تفرض رأيها بحجة الحرية ولكنها لا تتقبل الرأي الآخر وهذه الفئة " لديها نقص في مفهوم الحرية الصحيحة." محاسبة عادلة المعالج النفسي والباحث في الشؤون النفسية والاجتماعية الدكتور أحمد الحريري أشار إلى أن الرقابة الاجتماعية تذكره بمصطلح الضبط الاجتماعي، وتابع: "إن انتقال الرقابة الاجتماعية إلى مواقع التواصل الاجتماعي مسألة مطلوبة ومهمة لكن ينبغي أن يعلم الجميع أن برامج التواصل الاجتماعي ليست أعشاشاً لخفافيش الظلام وأن أهميتها في تغيير الواقع تسببت في قيام عدد من الثورات،" وطالب الحريري بمحاسبة الذين يمسون ثقافة المجتمع وهويته الدينية تحت إعلان صريح بأسمائهم محاسبة عادلة لا تستثني أحداً ولا تحابي أحداً. وأضاف "الضوابط الاجتماعية أصبحت وسائل تقنية وإجراءات ذكية بدءاً بالكاميرا إلى التنقيع الإلكتروني عبر الشبكة العنكبوتية؛ وهو ما جعل بعض هذه المواقع منابر لمطلقي الشتائم ومقتحمي الخصوصيات والمعتدين على الثقافات والهويات؛ لذلك فإن تطوير وسائل الضبط الإلكتروني وطرق مكافحة الجرائم الإلكترونية أصبحت أمرا حتميا." فوضى عارمة ويؤكد الباحث في الصحافة الإلكترونية والإعلام الجديد الدكتور فايز بن عبدالله الشهري أحقية أي شخص متضرر بالتشهير أو الابتزاز أو ما يندرج تحت نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية من إحدى مواقع التواصل الاجتماعي سواء كانت تغريدة على موقع تويتر أو موضوع في أي موقع في التقدم للجهات المختصة للادعاء والشكوى، سواء كانت جهة عدلية أوهيئة التحقيق والادعاء العام، وللقاضي الحق في نظر الدعوى وتقييمها وله سلطة تقدير ذلك، مشيرا إلى أن "الوجود على مواقع التواصل الاجتماعي نشاط إنساني تؤمه حشود مقدرة من الناس وبالتالي فإن وجود مؤسسات قانونية ورقابية وأمنية تراقب هذا النشاط أمر ضرروي حتى لا تعم الفوضى العارمة" كما أن مفهوم الحرية المطلقة سيؤدي إلى شكوى الناس جميعا من بعضهم، وعزا الشهري ضعف الرقابة في الإعلام الجديد لاتساع المتعاطين مع هذه المواقع، مشيرا إلى أن لكل دولة قوانينها فضلا عن الصعوبة الفنية في إثبات القضية بدليل وجود حالات كثيرة لانتحال الشخصية دون إثبات، واستطرد أن من حق الإنسان أن يعبر بحرية لكن لا بد أن يكون مقيدا بمسؤولية اجتماعية أخلاقية أو محاسبة قانونية نظامية، لافتا إلى أن هذه المسألة لها بعدان أحدهما أخلاقي وهو ما ذكر سابقا والآخر قانوني يتعلق بصعوبة تتبع كل الأسماء المستعارة، وهنا يمكن تحميل المسؤولية للناشر أو الوسيط، وحذر الشهري من صراع التيارات داخل هذه المواقع وانغماس البعض داخلها بوعي أو بغير وعي، وأضاف أن الجرائم المعلوماتية لها 3 أركان "الكاتب والناشر والنظام القانوني" وتابع " فالأول يحتاج لوعي وتثقيف قانوني وللأسف أغلب مرتادي المواقع من الشباب الذين ينخفض لديهم مستوى الوعي، أما الثاني فيعد فضاءً مفتوحا للعالم؛ حيث لا يستطيع مالك تلك المواقع فلترة كل المعلومات، والحل الوحيد في ارتفاع مستوى الوعي لدى الفرد، أما الثالث فيدلل عليه بحاجة المجتمعات للتعاضد على شبكة الإنترنت حماية للأعمال الخاصة على الإنترنت مثل التجارة الإلكترونية وحقوق الملكية الفكرية،" وتوقع الشهري أن تخبو المواقع الحالية عندما تظهر الجديدة وتسحب البساط منها؛ حيث لن يجد الناس بها شيئا جديدا. حكمة الجمهور وطالب المختص في مواقع التواصل الاجتماعي عبد العزيز فرج الشعلان بضرورة تضمين جملة "كل ما يكتبه الشخص يقع تحت مسؤوليته الشخصية" ضمن شروط التسجيل لأي موقع حتى يكون المستخدم مسؤولا عن كل ما يكتب، منوها إلى أن مشكلة مستخدمي ومرتادي تلك المواقع عدم قراءة الشروط واستمراؤهم لثقافة المنتديات ومواقع الدردشة، غير مستوعبين لمدى جدية مواقع التواصل الاجتماعي التي يكتبون فيها بأسمائهم الحقيقية، وأضاف شخصيا أؤيد الرقابة الذاتية أكثر من الرقابة الداخلية، واصفا ما تمر به المواقع الاجتماعية الآن بما يسمى ب"حكمة الجمهور" وهي أشبه بنظام ديمقراطي، حيث يقرر المستخدمون - وهم الجمهور- مصير أحدهم أو الحكم عليه ومن فوائدها أنها جعلت الجميع يقيم الكلام قبل أن يكتبه. الرأي بالرأي فيما طالب أحد مرتادي هذه المواقع خالد يسلم بعدم إخضاعها للرقابة لأن رقابة الموقع تكفي "على حد تعبيره"، مشيرا إلى أن الرأي يجب أن يحارب بالرأي لا بالمحاكمة والإعدام ولا بشكل فيزيائي، كمان أن إهدار الدم من قبل الأفراد أمر مرفوض، وقال "تويتر موقع افتراضي لا يجب أن ينتقل إلى أرض الواقع بأي شكل من الأشكال" فالكل له حرية الحديث ولكن يجب عليه تحمل عقبات الردود التي ستأتيه، عازيا تدهور مستوى تويتر السعودي لوجود الغوغائيين."