في كل مرة ينطلق العدائون في مضمار التنافس الأولمبي، تترصد أعين السعوديين ممثلي الوطن، لعّل الراية الخضراء ترفرف عالياً نظير التواجد في المراكز الثلاثة الأولى في المسابقات، ويمضي الأمر وتتبخر الأحلام من دون تحقيق هذا الحلم، بعد أن تظهر المراكز التي احتلها اللاعبون السعوديون في أولمبياد "ريو دي جانيرو" الجاري حالياً، كنا تتلقى كل يوم خبر خروج أحد العناصر المشاركة، والمؤسف أن خروج هؤلاء المتسابقين جاء بعد أن احتلوا مراكز متأخرة وآخرهم مخلد العتيبي وطارق العمري. كانت المشاركة السعودية في "أولمبياد البرازيل"، امتدادا لخيبة الأمل التي اعتدنا رؤيتها في كل أولمبياد، وهو نتاج طبيعي بل ومنطقي حين تغيب الاستعدادات الباكرة والتجهيزات، فإن المحصلة ستكون حضوراً مخجلاً بهذا الشكل وربما أسوأ من ذلك، كان المؤمل في المشاركة الخضراء أن تحصد أكبر قدر من الميداليات، لا أن تتخذ من مقاعد المؤخرة مكاناً ثابتاً لها في جميع المنافسات، وأن تقتصر المشاركة السعودية على الحضور الشرفي فقط. مع كل إخفاق أولمبي جديد، نستذكر برنامج "الصقر الأولمبي" الذي أُطلق عام 2009، وكان هدفه إعداد جيل سعودي يسجل لوطنه ولنفسه حضوراً مشّرفاً في أولمبياد لندن 2012 ، ولكن الوعود تبخرت مع مرور الأعوام، وجاءت المشاركة الخضراء فيه مخيبة كما هو الحال في أولمبياد البرازيل. ومن جديد ضرب الأمير عبدالله بن مساعد موعداً آخر وبرنامجاً مختلفاً من دون أن يرمز له باسم معين، وقال بعد إخفاق الفرق السعودية في أولمبياد البرازيل: "مشاركتنا إعدادية، والدورات المقبلة ستكون بمثابة إعداد لتحقيق ذهب أولمبياد 2022". حلم جديد ينتظره السعوديون في الأعوام المقبلة بعد خيبة "البرازيل"، ومن هنا يجب أن نكون منصفين وألا نحمّل الأمير عبدالله بن مساعد المسؤولية الكاملة، فلا شك أنه يتحمل شيئاً منها باعتباره رئيس اللجنة الأولمبية، لكن الوقت لم يكن كافياً أمام هذه اللجنة للتجهيز لأولمبياد البرازيل. المهم الآن هو المستقبل و"أولمبياد طوكيو 2020" هل ستنجح الفرق السعودية من اقتناص الذهب؟.. وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً وتجهيزات كبرى، وهو الأمر الذي أشار إليه الأمير عبدالله بن مساعد في معرض حديثه حين قال: " صناعة البطل الأولمبي تحتاج أعواما من الاهتمام والعناية وهو ما نطمح إليه مستقبلاً " ولعل الانطلاقة لصناعة المستقبل الأولمبي السعودي، تكون من هنا من خلال تكثيف العمل والتدريبات في المرحلة المقبلة. حين يحقق بطل أولمبي ميدالية ذهبية، فإنها لم تأت من عمل عام أو عامين، بل هي نتاج تاريخ طويل من المعسكرات التدريبية، والمشاركات الأولمبية التي حملت في حوزتها سلسلة من الإخفاقات وأخرى من النجاحات، لذا ألمح الأمير عبدالله بن مساعد في تصريحه الأخير، أن جميع الدورات المقبلة ستكون بمثابة الإعداد لذهب 2020 ، لكن ذلك لا يعني أن تبقى المشاركات السعودية ضعيفة، وأن تظل الفرق السعودية في المراكز المتأخرة، بل لا بد أن يظهر التطور ما بين كل منافسة، من خلال التقدم في سلم الترتيب، فالكويتي فهد الديحاني والذي كسب ميدالية ذهبية في "أولمبياد البرازيل"، سبق له تحقيق ميداليتين برونزيتين في سيدني 2000 وفي لندن 2012، واليوم نجح بعد أعوام من المشاركات الأولمبية، والمعسكرات التدريبية من حصد الميدالية الذهبية. المرحلة المقبلة تتطلب عملاً حقيقياً، وجهداً متواصلاً يبدأ من اليوم، يكون هدفه مرتكزاً على ذهب أولمبياد طوكيو، يتم من خلاله تجهيز الفرق السعودية والمتسابقين، بمعسكرات تدريبية وتحت إشراف أمهر المدربين ، حتى يتحقق الهدف وتحصد السعودية الميداليات الذهبية، فإن إهمال العمل وتأخيره إلى اللحظات الأخيرة، يعني أن السعودية ستبقى مشاركاتها مقتصرة على الحضور الشرفي والمراكز المتأخرة ، ويعني ذلك أن وعد ذهبية 2020 قد يسلك طريقه ذاته إلى عالم النسيان. وهنا نتحدث عن برنامج "الصقر الأولمبي" الذي لم يغّير في تاريخ السعودية أولمبياً شيئاً، وبقي الحال مثلما هو عليه طيلة السنين الماضية، مجرد مشاركة شرفية، في وقت تحصد أندية أقل من السعودية إمكانيات، كثيراً من الميداليات الذهبية والانجازات الأولمبية.