في ظل عالم متغير سريع الأحداث والتوجهات والمواقف المتباينة لابد من التعامل مع واقعه والانخراط فيه بسلبياته وإيجابياته، لا أحد يستطيع أن ينعزل عن ذلك العالم دون أن يكون له دور أساسي يلعبه وأن يكون دوراً مؤثراً يستخدم فيه كل الأدوات وتسخيرها لمصلحته وإيضاح سياساته ومواقفه، ويبين إنجازاته بصورة لائقة قد تخفى على الكثير. الإعلام أداة أساسية لا تقل أهمية عن السياسة والاقتصاد في تكوين الرأي العام وتوجيهه وتنويره وتثقيفه، ويقف أمام الهجمات التي يتعرض لها الوطن من جهات تعمل ضده وضد أمنه واستقراره ومنجزاته. لقاء وزير الإعلام بالمثقفين في جدة الخميس جاء ضمن سياق الحرص على إشراك نخب المجتمع في بلورة وصياغة المشهد الثقافي الإعلامي في المرحلة المقبلة ضمن برنامج التحول الوطني "2020" ورؤية "2030" اللتان ستشهدان نقلة نوعية في الفكر والأداء وتحقيق الأهداف، فثقافة الشعوب إطار مهم في تعبيد الطرق نحو تحقيق الأهداف، فهي التي تحدد ملامح بوصلة الاتجاه. والثقافة كلمة قديمة وعريقة في العربية، فهي تعني صقل النفس والمنطق والفطانة، ولطالما استعملت الثقافة في عصرنا الحديث هذا للدلالة على الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات، فالثقافة لا تعد مجموعة من الأفكار فحسب، ولكنها نظرية في السلوكِ مما يساعد على رسم طريق الحياة إجمالا، وبما يتمثل فيه الطابع العام الذي ينطبع عليه شعب من الشعوب، وهي الوجوه المميزة لمقومات الأمة التي تميز بها عن غيرها من الجماعات بما تقوم به من العقائد والقيم واللغة والمبادئ، والسلوك والمقدسات والقوانين والتجارب، وإجمالاً فإن الثقافة هي كل مركب يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات، إذا للثقافة دور مهم جدا في تحقيق "البرنامج" و"الرؤيا" لأنهما يحققان المفهوم الثقافي في مجمله لرسم الاتجاهات وتحديد الأهداف. الإعلام لا يقل أهمية عن الثقافة في صياغة الفكر الجماعي الإيجابي هو صنو لها، وهو سلاح يجب استخدامه بكل فاعلية واقتدار ليتمكن من إعطاء الصورة الحقيقة للمنجز الوطني ويعزز من صورة الوطن في المحافل الدولية ويرد على حملات البغض والكراهية التي تعمل ليل نهار للنيل من إنجازنا دون جدوى، كون مواقفنا ومنجزاتنا يعرفها القاصي والداني ولكن هذا لا يمنع من الإعلام يواصل مع الثقافة مواقفه لتكون الصورة واضحة جلية وحتى يعري تلك الحملات ومن يقف وراءها وأهدافها الخبيثة. أدوار مهمة تنتظر ثقافتنا وإعلامنا في المرحلة المقبلة من مستقبل وطننا للمشاركة في صياغة جديدة تقودنا إلى تعزيز مكانة الوطن والمساهمة بفعالية في تقدمه وازدهاره.