عندما أعلنت وزارة العمل خطط عملها وأهدافها من خلال برنامج التحول الوطني 2020 وجدت أن بعضها غير متطابق مع رؤية المملكة 2030 وتفتقد أيضا تعديل بعض مهامها الحالية التي لا تتماشى مع الرؤية، هذه الخطط والمهام تعتبر رئيسية ويمكن تصنيفها بأنها من عناصر نجاح الرؤية الحرجة "Critical Success Factors" الوزارة قامت بوضع هدف ينص على خفض نسبة البطالة من ضمن أهداف برنامج التحول الوطني، الهدف بحد ذاته يعتبر مهماً وحرجا جدا ولكنه في الجهاز الحكومي الخاطئ، فنطاق عمل وزارة العمل لا يسمح لها بخلق وظائف جديدة في الاقتصاد، بل يركز على إصلاح سوق العمل ليكون ممكنا لخطط السعودة "Enabler" ولكي يحمي حقوق العاملين في القطاع، بالإضافة إلى نطاق أعمالها الذي يغطي التنمية الاجتماعية. استمرار وزارة العمل بتحقيق هدف خفض نسبة البطالة يعني أنها ستضطر لإحلال السعوديين بدلا من الأجانب بغض النظر عن جودة الوظائف الموجودة حاليا، والذي بدوره سيخلق عقبات للقطاع الخاص تؤدي لانكماش الأعمال التجارية وبالتالي فقدان الاقتصاد للوظائف الحالية بشكل تدريجي. لن ننتظر طويلا لنرى هذه الآثار السلبية فقد تجاوزت الوزارة نطاق عملها وقامت برفع نظام لمجلس الوزراء يتدخل في مدة عمل المحلات التجارية في كافة أنحاء المملكة بدون استثناء. من المؤكد أن نظام إقفال المحلات الساعة 9 مساء لديه إيجابيات، ولكنه سيؤثر بشكل أساسي في تغيير سلوكيات المواطنين الاقتصادية Socioeconomics مما يؤثر على الأعمال التجارية للقطاع الخاص بحيث يؤدي لانكماش مفاجئ للقطاعات الاقتصادية نتيجة لتغيير سلوكيات المواطنين الاقتصاديين عنوة، ويهز من ثقة القطاع الخاص في ديمومة القوانين التجارية في السعودية، مما سيدفعهم ذلك للتوقف عن الدخول في استثمارات جديدة أو التوسع في استثماراتهم الحالية. من الواضح أن إطار حوكمة رؤية المملكة 2030 لم يتم تفعيله حتى الآن بشكل كاف مع التسارع في عملية التحول الوطني التي يمر بها الاقتصاد السعودي لهذا من الضروري أن تبدأ أعمال المكتب الاستراتيجي في المجلسي سريعا ليقوم بمطابقة خطط عمل برنامج التحول الوطني لوزارة العمل ولكافة الأجهزة الحكومية المشاركة، فهدف خفض نسبة البطالة من المفترض أن يتم تبنيه من قبل المجلس الاقتصادي ليضع مبادرات استراتيجية من ضمن خطط التوسع الاقتصادي الحكومية. إضافة إلى ذلك، من المفترض أن يقوم المكتب الاستراتيجي في المجلس بمراجعة المهام والأعمال الحالية لوزارة العمل للتأكد من مطابقتها للرؤية، وعلى رأسها صندوق تنمية الموار البشرية وطريقة تمويله من الرسوم المفروضة على استخدام العمالة الأجنبية. الهدف من استمرار فرض رسوم استخدام العمالة الأجنبية، ومقدارها 2400 ريال سنويا، في الوقت الحالي هو لتمويل الصندوق فقط وليس لجعل العامل السعودي أكثر جاذبية لصاحب العمل فمازالت غير كافية لمساواة تكلفة العامل الأجنبي بالسعودي. الخيار الأجدى هو أن يتم رفع الحد الأدنى للأجور للعمالة الأجنبية بنفس مقدار الرسوم أو أكثر ليقوم العامل بالتالي بصرفها محليا ليستفيد منها الاقتصاد، ويسمح أيضا لوزارة المالية بفرض ضرائب على تحويلات العمالة الأجنبية تصل إلى 50% أو حتى فرض ضرائب دخل على نفس فئة هذه العمالة الأجنبية. فبهذه الطريقة، يتم صرف هذه الرسوم في نواحٍ تفيد في نمو الاقتصاد وزيادة عدد الوظائف للسعوديين، وتنوع من الدخل الحكومي واستثماراته بشكل أكثر كفاءة من صرفها عن طريق صندوق تنمية الموارد البشرية. كما لاحظتم، الاقتصاد يحتاج لتفعيل إطار حوكمة رؤية المملكة 2030 بوتيرة متسارعة وفعّالة لكي يحقق برنامج التحول الوطني 2020 أهدافه بفعالية وكفاءة بإذن الله. * خبير مالي وتخطيط استراتيجي